صفحة رقم ١٣٥
حالة من ظلم من الناس كافة وفي الآية متروك استغنى عن ذكره لدلالة الكلام عليه تقديره : فمن ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم وقيل ليس هذا الاستثناء من المرسلين، لأنه لا يجوز عليهم الظلم بل هو استثناء من المتروك ومعناه : لا يخاف لدي المرسلون إنما الخوف عليهم من الظالمين وهذا الاستثناء المنقطع معناه لكن من ظلم من سائر الناس فإنه يخاف فإن تاب وبدل حسناً بعد سوء فإني غفور رحيم أي أغفر له وأزيل خوفه وقيل : إلا هنا بمعنى ولا معناه ولا يخاف لدي المرسلون ولا من ظلم، ثم بدل حسناً بعد سوء يعني تاب من ظلمه فإني غفور رحيم ثم إن الله تعالى أراه آية أخرى فقال تعالى ) وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء ( قيل كانت عليه مدرعة صوف لا كمَّ لها، ولا أزرار فأدخل يده في جيبها وأخرجها فإذا هي تبرق مثل شعاع الشمس أو البرق ) من غير سوء ( يعني من غير برص ) في تسع آيات ( يعني آية مع تسع آيات أنت مرسل بهن فعلى هذا تكون الآيات إحدى عشرة العصا واليد البيضاء والفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم، وقيل : في بمعنى من أي من تسع آيات فتكون اليد البيضاء من التسع ) إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوماً فاسقين ( يعني خارجين عن الطاعة ) فلما جاءتهم آياتنا مبصرة ( يعني بينة واضحة يبصرونها ) قالوا هذا ( يعني الذي نراه ) سحر مبين ( يعني ظاهر ) وجحدوا بها ( يعني أنكروه الآيات، ولم يقروا أنها من عند الله ) واستيقنتها أنفسهم ( يعني علموا أنها من عند الله والمعنى أنهم جحدوا بها بألسنتهم واستيقنوها بقلوبهم وضمائرهم ) ظلماً وعلواً ( أي شركاً وتكبراً عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى ) فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ( يعني الغرق.
قوله تعالى ) ولقد آتينا داود وسليمان علماً ( يعني علم القضاء والسياسة وعلم داود تسبيح الطير، والجبال وعلم سليمان منطق الطير والدواب ) وقالا الحمد لله الذي فضلنا ( يعني بالنبوة والكتاب والملك وتسخير الجن والإنس ) على كثير من عباده المؤمنين ( أراد الكثير الذي فضلا عليهم من لم يؤت علماً أو لم يؤت مثل علمهما، وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير وقيل إنهما لم يفضلا أنفسهما على الكل، وذلك يدل على حسن التواضع.
قوله تعالى ) وورث سليمان داود ( يعني نبوته وعلمه، وملكه دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابناً وأعطي سليمان ما أعطي


الصفحة التالية
Icon