صفحة رقم ١٣٩
رضي الله عنها قالت :( ما رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم مستجمعاً قط ضاحكاً حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم ) عن عبدالله بن الحارث بن جزء قال ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ) أخرجه الترمذي.
فإن قلت : ما كان سبب ضحك سليمان.
قلت شيئان : أحدهما ما دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم، وذلك قولها وهم لا يشعرون يعني أنهم لو شعروا ما يفعلون.
الثاني سروره بما آتاه الله مما لم يؤت أحداً من إدراك سمعه، ما قالته النملة وقيل : إن الإنسان إذا رأى أو سمع ما لا عهد له به تعجب وضحك، ثم إن سليمان حمد ربه على ما أنعم به عليه ) وقال رب أوزعني ( أي ألهمني ) أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ( أي أدخلني في جملتهم، وأثبت اسمي مع أسمائهم واحشرني في زمرتهم.
قال ابن عباس : يريد مع إبراهيم واسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن بعدهم من النبيين وقيل : أدخلني الجنة مع عبادك الصالحين.
قوله عز وجل ) وتفقد الطير ( أي طلبها وبحث عنها والمعنى أنه طلب ما فقد من الطير ) فقال ما لي لا أرى الهدهد ( وكان سبب تفقده الهدهد وسؤاله عنه إخلاله بالنوبة، وذلك أن سليمان كان إذا نزل منزلاً تظله وجنده الطير من الشمس، فأصابته الشمس من موضع الهدهد فنظر فرآه خالياً.
وروي عن ابن عباس أنه كان دليله على الماء وكان يعرف موضع الماء ويرى الماء تحت الأرض كما يرى في الزجاجة، ويعرف قربه من بعده فينقر الأرض فتجيء الشياطين فيحفرونه ويستخرجون الماء منه قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس هذا، قال نافع بن الأزرق بأوصاف، انظر ما تقول إن الصبي منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب، فيجيء بالهدهد، وهو لا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه، فقال له ابن عباس ويحك إذا جاء القدر حال دون البصر وفي رواية إذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب، وعمي البصر فنزل سليمان منزلاً واحتاج إلى الماء، فطلبوه فلم يجدوه فتفقد الهدهد ليدله على الماء فقال ما لي لا أرى الهدهد على تقدير أنه مع جنوده، وهو لا يراه ثم إنه أدركه الشك فقال ) أم كان من الغائبين ( أي أكان وقيل بل


الصفحة التالية
Icon