صفحة رقم ١٤٣
قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال ( لن يفلح قوم ملكوا عليهم امرأة ) قوله تعالى ) وأوتيت من كل شيء ( يعني ما تحتاج إليه الملوك من المال والعدة ) ولها عرش عظيم ( أي سرير ضخم عال.
فإن قلت : كيف استعظم الهدهد عرشها على ما رأى من عظمة ملك سليمان.
قلت : يحتمل أنه استعظم ذلك بالنسبة إليها، ويحتمل أنه لم يكن لسليمان مع عظم ملكه مثله وكان عرش بلقيس من الذهب مكللاً بالدر، والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، وقوائمه من الياقوت والزمرد، وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق قال ابن عباس : كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعاً، في ثلاثين ذراعاً وطوله في السماء ثلاثون ذراعاً.
وقيل كان طوله ثمانين في ثمانين وعلوه ثمانون وقيل : كان طوله ثمانين وعرضه أربعين وارتفاعه ثلاثون ذراعاً.
قوله عز وجل إخباراً عن الهدهد ) وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ( وذلك أنهم كانوا يعبدون الشمس، وهم مجوس ) وزين لهم الشيطان أعمالهم ( المزين هو الله لأنه الفعل لما يريد، وإنما ذكر الشيطان لأنه سبب الإغواء ) فصدهم عن السبيل ( أي عن طريق الحق الذي هو دين الإسلام ) فهم لا يهتدون ( أي إلى الصواب ) ألا يسجدوا ( قرىء بالتخفيف ومعناه ألا يا أيها الناس اسجدوا وهو أمر من الله مستأنف، وقرىء بالتشديد ومعناه وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا ) لله الذي يخرج الخبء ( يعني الخفي المخبأ ) في السموات والأرض ( قيل خبء السموات المطر وخبء الأرض النبات ) ويعلم ما تخفون وما تعلنون ( والمقصود من هذا الكلام الرد على من يعبد الشمس وغيرها، من دون ا لله لأنه لا يستحق العبادة إلا من هو قادر على من في السموات والأرض، عالم بجميع المعلومات ) الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ( أي هو المستحق للعبادة والسجود لا غيره.

فصل


وهذه السجدة من عزائم السجود، يستحب للقارىء والمستمع أن يسجد عند قراءتها.
فإن قلت : قد وقف عرش بلقيس بالعظم وعشر الله بالعظم، فما الفرق بينهما.
قلت وصف عرش بلقيس بالعظم بالنسبة إليها وإلى أمثالها من ملوك الدنيا وأما عرش الله تعالى فهو بالنسبة إلى جميع المخلوقات من السموات والأرض، فحصل الفرق بينهما فلما فرغ الهدهد من كلامه ) قال ( سليمان ) سننظر أصدقت ( أي فيما أخبرت ) أم كنت من الكاذبين ( ثم إن الهدهد


الصفحة التالية
Icon