صفحة رقم ١٤٦
وعمدت إلى حق جعلت فيه درة بقيمة ثمينة غير مثقوبة، وخرزة جزع معوجة الثقب ودعت رجلاً من أشراف قومها يقال له : المنذر بن عمرو وضمت إليه رجالاً من قومها أصحاب عقل ورأي وكتبت مع المنذر كتاباً تذكر فيه الهدية، وقالت : إن كنت نبياً ميز بن الوصفاء والوصائف، وأخبرنا بما في الحق قبل أن تفتحه واثقب الدرة ثقباً مستوياً وأدخل في الخرزة خيطاً من غير علاج إنس ولا جن، وأمرت بلقيس الغلمان فقالت : إذا كلمكم سليمان فكلموه بكلام تأنيث وتخنيث يشبه كلام النساء، وأمرت الجواري أن يكلمنه بكلام فيه غلظة يشبه كلام الرجال، ثم قالت للرسول انظر إذا دخلت، فإن نظر إليك نظراً فيه غضب فاعلم أنه ملك فلا يهولنك أمره ومنظره فأنا أعز منه وإن رأيت الرجل بشاشاً لطيفاً فافهم أنه نبي فتفهم قوله ورد الجواب فانطلق الرسول بالهدايا، وأقبل الهدهد مسرعاً إلى سليمان، فأخبره فأمر سليمان الجن أن يضربوا لبناً من الذهب والفضة، ففعلوا وأمرهم بعمل ميدان مقدار تسعة فراسخ وأن يفرشوا لبن الذهب والفضة، وأن يخلوا مقدار تلك اللبنات التي معهم وأن يعملوا حائطاً شرفه من الذهب والفضة، ففعلوا ثم قال أي دواب البر والبحر أحسن فقالوا يا نبي الله ما رأينا أحسن من دابة من دواب البحر يقال لها كذا وكذا مختلفة ألوانها لها أجنحة وأعراف ونواص، قال : علي بها الساعة فأتوا بها قال شدوها بين يمين الميدان وشماله ثم قال للجن علي بأولادكم، فاجتمع منهم خلاق كثير فأقامهم على يمين الميدان، وعلى شماله وأمر الإنس والجن والشياطين، والوحوش والطير والسباع فاصطفوا فراسخ عن يمينه وشماله، فلما دنا القوم إلى الميدان ونظروا إلى ملك سليمان رأوا أول الأمر الدواب، التي لا يرى مثلها تروث في لبنات الذهب والفضة، فلما رأوا ذلك تقاصرت أنفسهم وخبؤوا ما معهم من الهدايا وقيل إن سليمان فرش الميدان بلبنات الذهب والفضة، وترك على طريقهم موضعاً على قدر ما معهم من اللبن في ذلك الموضع فلما رأى الرسل موضع اللبنات خالياً خافوا أن يتهموا بذلك، فوضعوا ما معهم من اللبن في ذلك الموضع فلما رأوا الشياطين هالهم ما رأوا وفزعوا فقالت لهم الشياطين جوزوا لا بأس عليكم، فكانوا يمرون على كراديس الإنس والجن والوحش والطير حتى وقفوا بين يدي سليمان، فأقبل عليهم بوجه طلق وتلقاهم تلقياً حسناً، وسألهم عن حالهم فأخبره رئيس القوم بما جاؤوا فيه وأعطوه كتاب الملكة فنظر فيه، وقال أين الحق ؟ فأتى به فحركه فجاءه جبريل