صفحة رقم ١٦٠
عز وجل أم رفع رأسه قبلي، ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب ) وقيل الذين استثنى الله هم رضوان والحور ومالك والزبانية.
وقوله تعالى ) وكل ( أي وكل الذي أحيوا بعد الموت ) أتوه ( أي جاؤوه ) داخرين ( أي صاغرين.
النمل :( ٨٨ - ٩٣ ) وترى الجبال تحسبها...
" وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون " ( قوله تعالى ) وترى الجبال تحسبها جامدة ( أي قائمة واقفة ) وهي تمر مر السحاب ( أي تسير سير السحاب حتى تقع على الأرض فتستوي بها وذلك أن كل شيء عظيم وكل جسم كبير وكل جمع كثير يقصر عنه البصر لكثرته وعظمه وبعد ما بين أطرافه فهو في حساب الناظر واقف وهو سائر كذلك سير الجبال يوم القيامة لا يرى لعظمها كما أن سير السحاب لا يرى لعظمه ) صنع الله الذي أتقن كل شيء ( يعني أنه تعالى، لما قدم هذه الأشياء كلها التي لا يقدر عليها غيره جعل ذلك الصنع من الأشياء التي أتقنها وأحكمها وأتى بها على وجه الحكمة والصواب ) إنه خبير بما تفعلون (.
قوله تعالى ) من جاء بالحسنة ( أي بكلمة الإخلاص، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وقيل الإخلاص في العمل، وقيل الحسنة كل طاعة عملها الله عز وجل ) فله خير منها ( قال ابن عباس فيها يصل إلى الخير بمعنى أن له من تلك الحسنة خير يوم القيامة وهو الثواب والأمن من العذاب أما من يكون له شيء خير من الإيمان فلا، لأنه لا شيء خير من لا إله إلا الله، وقيل : هو جزاء الأعمال والطاعات الثواب والجنة وجزاء الإيمان والإخلاص رضوان الله والنظر إليه لقوله ) ورضوان من الله ( " وقيل : معنى خير منها الأضعاف أعطاه الله بالواحدة عشر أضعافها، لأن الحسنة استحقاق العبد والتضعيف تفضيل الرب تبارك وتعالى ) وهم من فزع يومئذٍ آمنون ( فإن قلت كيف نفى الفزع هنا وقد قال قبله ففزع من في السموات ومن في الأرض.
قلت : إن الفزع الأول هو ما لا يخلو عنه أحد عند الإحساس بشدة تقع وهول يفجأ من رعب وهيبة وإن كان المحسن يأمن وصول ذلك الضرر إليه فأما الفزع الثاني فهو الخوف من العذاب فهم آمنون منه.
وأما ما يلحق الإنسان من الرعب عند مشاهدة الأهوال فلا ينفك منه أحد ) ومن جاء بالسيئة ( يعني بالشرك ) فكبت وجوههم في النار ( عبر بالوجه عن جميع البدن كأنه قال كبوا وطرحوا جميعهم في النار ) هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (


الصفحة التالية
Icon