صفحة رقم ١٧٩
خراب ) وكنا نحن الوارثين ( يعني لم يخلفهم فيها أحد بعد هلاكهم وصار أمرها إلى الله تعالى لأنه الباقي بعد فناء الخلق ) وما كان ربك مهلك القرى ( يعني الكافرة أهلها ) حتى يبعث في أمها رسولاً ( ينذرهم وخص الأم ببعثة الرسول لأنه يبعث إلى الأشراف وهم سكان المدن وقيل حتى يعبث في أمر القرى وهي مكة رسولاً يعني محمداً ( ﷺ ) لأنه خاتم الأنبياء ) يتلو عليهم آياتنا ( أي أنه يؤدي إليهم ويبلغهم وقيل يخبرهم أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا ) وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ( أي مشركون.
قوله عز وجل ) وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها ( أي تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء ) وما عند الله خير وأبقى ( لأن منافع الآخرة خالصة عن الشوائب وهي دائماً غير منقطعة ومنافع الدنيا كالذرة بالقياس إلى البحر العظيم ) أفلا تعقلون ( أي أن الباقي خير من الفاني وقيل من لم يرجح الآخرة على الدنيا فليس بعاقل.
ولهذا قال الشافعي : من أوصى بثلث ماله لأعقل الناس صرف ذلك الثلث إلى المشتغلين بطاعة الله لأن أعقل الناس من أعطي القليل وأخذ الكثير وما هم إلا المشتغلون بطاعة الله تعالى ) أفمن وعدناه وعداً حسناً ( يعني الجنة ) فهو لاقيه ( أي مصيبه وصائر إليه ) كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ( أي وتزول عنه عن قريب ) ثم هو يوم القيامة من المحضرين ( أي في النار، قيل هذا من المؤمن والكافر وقيل نزلت في النبي ( ﷺ ) وأبي جهل، وقيل في علي وحمزة وأبي جهل وقيل في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة.
القصص :( ٦٢ - ٧٥ ) ويوم يناديهم فيقول...
" ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون " ( قوله عز وجل :( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ( أي في الدنيا أنهم من شركائي ) قال الذين حق عليم القول ( أي وجب عليهم العذاب وهم رؤوس الضلالة ) ربنا هؤلاء الذي أغوينا ( أي دعوناهم إلى الغي وهم الأتباع ) أغويناهم كما غوينا ( أي أضللناهم كما ضللنا ) تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ( معناه تبرأ بعضهم من بعض وصاروا أعداء ) وقيل ( يعني الكفار ) ادعوا شركاءكم ( أي الأصنام لتخلصكم من العذاب ) فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ( أي لم يجيبوهم ) ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ( معناه لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما رأوا العذاب في الآخرة ) ويوم يناديهم ( أي يسأل الكفار ) فيقول ما أجبتم المرسلين ( أي ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين ) فعميت عليهم ( أي خفيت واشتبهت عليهم ) الأنباء ( يعني الأخبار والأعذار والحجج ) يومئذ ( فلم يكن لهم عذر ولا حجة ) فهم لا يتساءلون ( أي لا يجيبون ولا


الصفحة التالية
Icon