صفحة رقم ١٨٤
هذا فقال له قارون والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر واعتزل قارون موسى بأتباعه وجعل موسى يداريه للقرابة التي بينهما وهو يؤذيه كل وقت ولا يزيد إلا عتواً وتجبراً ومعاداة لموسى حتى بنى داراً وجعل لها باباً من الذهب.
وضرب على جدرانها صفائح الذهب وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون ويروحون فيطعمهم الطعام ويحدثونه ويضاحكونه.
قال ابن عباس : فلما نزلت الزكاة على موسى أتاه قارون فصالحه على كل ألف دينار عنها دينار وعلى كل ألف درهم عنها درهم وكل ألف شاة عنها شاة وكذلك سائر الأشياء ثم رجع إلى بيته فحسبه فوجده شيئاً كثيراً فلم تسمح نفسه بذلك فجمع بني إسرائيل وقال لهم إن موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه وهو يريد أن يأخذ أموالكم فقالوا : أنت كبيرنا فمرنا بما شئت قال آمركم أن تجيئوا فلانة البغي وتجعلوا عليكم لها جعلاً على أن تقذف موسى بنفسها فإذا فعلت ذلك خرج عليه بنو إسرائيل فرفضوه فدعوها فجعل لها قارون ألف دينار وألف درهم.
وقيل طستاً من ذهب وقيل قال لها قارون أنزلك وأخلطك بنسائي على أن تقذفي موسى بنفسك غداً وإذا حضر بنو إسرائيل فلما كان من الغد جمع قارون بني إسرائيل ثم أتى موسى فقال : إن بني إسرائيل ينتظرون خروجك لتأمرهم وتنهاهم فخرج إليهم موسى وهم في مرج من الأرض فقام فيهم فقال : يا بني إسرائيل من سرق قطعنا يده ومن افترى جلدناه ثمانين ومن زنى وليست له امرأة جلدناه مائة جلدة ومن زنى وله امرأة رجمناه إلى أن يموت فقال قارون وإن كنت أنت ؟ قال : وأن كنت أنا قال فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة البغي قال : ادعوها فلما جاءت قال لها موسى : بالذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة إلا صدقت فتداركها الله بالتوفيق فقالت في نفسها أحدث توبة أفضل من أن أوذي رسول الله فقالت لا والله ولكن قارون جعل لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي فخرّ موسى ساجداً يبكي.
ويقول : اللهم إن كنت رسولك فاغضب لي فأوحى الله إليه أني أمرت الأرض أن تعطيك فمرها بما شئت فقال موسى : يا بني إسرائيل إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون فمن كان معه فليثبت مكانه ومن كان معي فليعتزل فاعتزلوا فلم يبق مع قارون إلا رجلان ثم قال موسى يا أرض خذيهم فأخذتهم بأقدامهم.
وقيل كان على سرير وفرشه فأخذته الأرض حتى غيبت سريره ثم قال : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الأوساط ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الأعناق وأصحابه في ذلك يتضرعون إلى موسى ويناشده قارون الله والرحم، حتى قيل إنه ناشده أربعين


الصفحة التالية
Icon