صفحة رقم ١٨٦
عليك القرآن ( أي أنزل عليك القرآن وقيل معناه أوجب عليك العمل بالقرآن ) لرادك إلى معاد ( قال ابن عباس إلى مكة.
أخرجه البخاري عنه قال القتيبي : معاد الرجل بلده لأنه ينصرف فيعود إلى بلده وذلك أن النبيّ ( ﷺ ) لما خرج من الغار مهاجراً إلى المدينة سار على غير الطريق مخالفة الطلب فلما أمن رجع في الطريق ونزل الجحفة بين مكة والمدينة وعرف الطريق إلى مكة فاشتاق إليها فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : أتشتاق إلى بلدك ؟ قال نعم قال : فإن الله تعالى يقول الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد وهذه الآية نزلت بالجحفة ليست بمكية ولا مدنية.
وقال ابن عباس أيضاً لرادك إلى الموت وقيل إلى القيامة، وقيل إل الجنة ) قل ربي أعلم من جاء بالهدى ( هذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبيّ ( ﷺ ) إنك لفي ضلال مبين فقال الله تعالى لهم ) ربي أعلم من جاء بالهدى ( يعني نفسه ) ومن هو في ضلال مبين ( يعني المشركين ومعناه هو أعلم بالفريقين.
قوله عز وجل ) وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب ( أي يوحى إليك القرآن ) إلا رحمة من ربك ( فأعطاك القرآن ) فلا تكونن ظهيراً ( أي معيناً ) للكافرين ( على دينهم ذلك حين دعوه إلى دين آبائه فذكره نعمه عليه ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه ) ولا يصدنك عن آيات الله ( يعني القرآن ) بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ( إلى معرفته وتوحيده ) ولا تكونن من المشركين ( قال ابن عباس : الخطاب في الظاهر للنبيّ ( ﷺ ) والمراد به أهل دينه أي ولا تظاهر الكفار ولا توافقهم ) ولا تدع مع الله إلهاً آخر ( معناه أنه واجب على الكل إلا أنه خاطبه به مخصوصاً لأجل التعظيم.
فإن قلت النبيّ ( ﷺ ) كان معصوماً من أن يدعو مع الله إلهاً آخر فما فائدة هذا النهي.
قلت الخطاب معه والمراد به غيره وقيل معناه لا تتخذ غيره وكيلاً على أمورك كلها ولا تعتمد على غيره ) لا إله إلا هو كل شيء هالك ( أي فانٍ ) إلا وجهه ( أي إلا هو والوجه يعبر به عن الذات وقيل معناه إلا ما إريد به وجهه لأن عمل كل شيء أريد به غير الله فهو هالك ) له الحكم ( أي فصل القضاء بين الخلق ) وإليه ترجعون ( أي تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم والله أعلم بمراده.


الصفحة التالية
Icon