صفحة رقم ٢٠٠
أهلها وتقلبهم فيها وموتهم عنها كما يلعب الصبيان ساعة ثم ينصرفون ) وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ( أي الحياة الدائمة الخالدة التي لا موت فيها ) لو كانوا يعلمون ( فناء الدنيا وبقاء الآخرة لما آثروا الفاني على الباقي.
قوله عز وجل ) فإذا ركبوا في الفلك ( معناه هم على ما وصفوا به من الشرك والعناد فإذا ركبوا في الفلك وخافوا الغرق ) دعوا الله مخلصين له الدين ( أي تركوا الأصنام ولجأوا إلى الله تعالى بالدعاء ) فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ( أي عادوا إلى ما كانوا عليه من الشرك والعناد.
وقيل : كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا الأصنام فإذا اشتد الريح ألقوها في البحر وقالوا يا رب يا رب ) ليكفروا بما آتيناهم ( أي ليجحدوا نعمة الله في إجابته إياهم ومعناه التهديد والوعيد ) وليتمتعوا ( معناه لا فائدة لهم في الإشراك إلا التمتع بما يستمتعون به في العاجلة ولا نصيب لهم في الآخرة ) فسوف يعلمون ( يعني عاقبة أمرهم ففيه تهديد ووعيد : قوله عز وجل ) أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمنا ويتخطلف الناس من حولهم ( يعني العرب يسبي بعضهم بعضاً وأهل مكة آمنون ) أفبالباطل ( يعني الشيطان والأصنام ) يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ( أي بمحمد ( ﷺ ) والإسلام يكفرون ) ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً ( أي فزعم أن له شريكاً فإنه منزه عن الشركاء ) أو كذب بالحق ( أي بمحمد ( ﷺ ) والقرآن ) لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين ( معناه أما لهذه الكافر المكذب مأوى في جهنم.
قوله عز وجل ) والذين جاهدوا فينا ( معناه جاهدوا المشركين لنصر ديننا ) لنهدينهم سبلنا ( لنثيبنهم ما قاتلوا عليه.
وقيل لنزيدنهم هدى وقيل لنوفينهم لإصابة الطرق المستقيمة وهي التي توصل إلى رضا الله تعالى.
قال سفيان بن عيينة : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور فإن الله تعالى يقول :( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ( وقيل المجاهدة الصبر على الطاعات ومخالفة الهوى وقال الفضيل بن عياض والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبل العلم والعمل به وقال سهل بن عبدالله والذين جاهدوا فينا بإقامة السنة لنهدينهم سبل الجنة.
وقال ابن عباس : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا ) وإن الله لمع المحسنين ( أي بالنصرة والمعونة في دنياهم والمغفرة في عقباهم في الآخرة وثوابهم الجنة والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon