صفحة رقم ٢١٢
) فانظر إلى آثار رحمة الله ( يعني المطر والمعنى انظر حسن تأثيره في الأرض وهو قوله تعالى ) كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى ( يعني إن الذين أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى ) وهو على كل شيء قدير ولئن أرسلنا ريحاً فرآه مصفراً ( أي الزرع بعد الخضرة ) لظلموا من بعده ( أي من بعد اصفرار الزرع ) يكفرون ( أي يجحدون ما سلف من النعمة والمعنى أنهم يفرحون عند الخصب ولو أرسلت عذاباً على زرعهم لجحدوا سالف نعمتي ) فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ( تقدم تفسيره.
قوله تعالى ) الله الذي خلقكم من ضعف ( أي بدأكم وأنشأكم على ضعف وقيل من ماء ذي ضعف وقيل هو إشارة إلى أحوال الإنسان كان جنيناً ثم طفلاً مولوداً ومفطوماً فهذه أحوال الضعف ) ثم جعل من بعد ضعف قوة ( يعني من بعض ضعف الصغر شباباً وهو وقت القوة ) ثم جعل من بعد قوة ضعفاً ( يعني هرماً ) وشيبة ( وهو تمام النقصان ) يخلق ما يشاء ( أي من الضعف والقوة والشباب والشيبة وليس ذلك من أفعال الطبيعة بل بمشيئة الله وقدرته ) وهو العليم ( بتدبير خلقه ) القدير ( على ما يشاء.
الروم :( ٥٥ - ٦٠ ) ويوم تقوم الساعة...
" ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " ( قوله تعالى :( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ( أي يحلف المشركون ) ما لبثوا ( أي في الدنيا ) غير الساعة ( معناه أنهم استقلوا أجل الدنيا لما عاينوا الآخرة وقيل معناه ما لبثوا في قبورهم غير ساعة ) كذلك كانوا يؤفكون ( يعني يصرفون عن الحق في الدنيا وذلك أنهم كذبوا في قولهم ما لبثوا غير ساعة كما كذبوا في الدنيا أن لا يبعثوا.
والمعنى أن الله أراد أن يفضحهم فحلفوا على شيء تبين لأهل الجمع أنهم كاذبون فيه وكان ذلك بقضاء الله وقدره ثم ذكر إنكار المؤمن عليهم كذبتهم فقال تعالى ) وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله يوم البعث ( أي فيما كتب الله لكم في سابق عمله من اللبث في القبور وقيل معنى الآية وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان يعني الذين يقيمون كتاب الله قالوا للمنكرين قد لبثتم إلى يوم البعث أي في قبوركم ) فهذا يوم البعث ( أي الذي كنتم تنكرونه في الدنيا ) ولكنكم كنتم لا تعلمون ( أي وقوعه في الدنيا فلا ينفعكم العلم به الآن