صفحة رقم ٢١٩
هذه الآية مدنية وقيل إن اليهود أمروا وفد قريش أن يسألوا رسول الله ( ﷺ ) ويقولوا له ذلك وهو بمكة وقيل إن المشركين قالوا إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع فأنزل الله تعالى ) ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ( أي بريت أقلاماً وقيل بعدد كل شجرة قلم ) والبحر يمده ( أي يزيده وينصب إليه ) من بعده سبعة أبحر ( أي مداداً والخلائق يكتبون به كلام الله ) ما نفدت كلمات الله ( لأنها لا نهاية لها ) إن الله عزيز حكيم (.
قوله تعالى ) ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ( أي إلا كخلق نفس واحدة وبعثها لا يتعذر عليه شيء ) إن الله سميع ( أي لأقوالكم ) بصير ( بأعمالكم ) ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق ( يعني ذلك الذي هو قادر على هذه الأشياء التي ذكرت هو الحق المستحق للعبادة ) وأن ما يدعون من دونه الباطل ( يعني لا يستحق العبادة ) وأن الله هو العلي ( يعني في صفاته له الصفات العليا والأسماء الحسنى ) الكبير ( في ذاته أنه أكبر من كل كبير.
قوله تعالى ) ألم تر أن الفلك ( يعني السفن والمراكب ) تجري في البحر بنعمة الله ( يعني ذلك من نعمة الله عليكم ) فيريكم من آياته ( يعني من عجائب صنائعه ) إن في ذلك لآيات لكل صبار ( يعين على ما أمر الله ) شكور ( لإنعامه ) وإذا غشيهم موج كالضلل ( يعني كالجبال وقيل كالسحاب شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها ) دعو الله مخلصين له الدين ( معناه أن الإنسان إذا وقع في شدة ابتهل إلى الله بالدعاء وترك كل من عداه ونسي جميع ما سواه فاذا نجا من تلك الشدة فمنهم من يبقى على تلك الحالة وهو المقتصد وهو قوله تعالى ) فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ( يعني عدل موفٍ في البر بما عاهد عليه الله في البحر من التوحيد والثبوت على الإيمان وقيل نزلت في عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمة : لئن أنجانا الله من هذا لأرجعن إلى محمد صلى الله عليه سلم ولأضعن يده في يدي فسكت الريح ورجع عكرمة إلى مكة وأسلم وحسن إسلامه ومنهم من لم يوف بما


الصفحة التالية
Icon