صفحة رقم ٢٢١
السجدة :( ١ - ٥ ) الم
" الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " ( قوله عز وجل ) الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه ( يعني لا شك في أنه ) من رب العالمين أم يقولون ( يعني بل يقولون يعني المشركين ) افتراه ( يعني اختلقه محمد ( ﷺ ) من تلقاء نفسه ) بل هو الحق ( يعني القرآن ) من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك ( يعني العرب كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير قبل محمد ( ﷺ ).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذلك في الفترة التي كانت بين عيسى ومحمد صلى الله عليه سلم.
فإن قلت إذا لم يأتهم رسول لم تقم عليهم حجة.
قلت : أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا من جهة الرسل فلا وأما قيام الحجة بمعرفة الله وتوحيده فنعم لأن معهم أدلة العقل الموصلة إلى ذلك في كل زمان ) لعلهم يهتدون ( يعني تنذرهم راجياً اهتداءهم ) الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ( تقدم تفسيره.
قوله تعالى ) يدبر الأمر ( يعني يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر وقيل ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام ) من السماء إلى الأرض ثم يعرج ( يعني يصعد ) إليه ( جبريل بالأمر ) في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ( يعني مسافة ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة فيكون مقدار نزوله إلى الأرض ثم صعوده إلى السماء في مقدار ألف سنة لو ساره أحد من بني آدم وجبريل ينزل ويصعد في مقدار يوم من أيام الدنيا وأقل من ذلك وكذلك الملائكة كلهم أجمعون وقيل معنى الآية أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثم يعرج إليه أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدينا وانقطاع أمر الآمر وحكم الحاكم في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة.
فإن قلت قال في موضع آخر : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فكيف الجمع بينهما.
قلت أراد بقوله خمسين ألف سنة مدة المسافة بين الأرض وسدرة المنتهى التي هي مقام جبريل عليه السلام يقول يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا.
وقيل كلها في القيامة فيكون على بعضهم مثل ألف سنة وعلى بعضهم خمسين ألف سنة وهذا في حال الكفار وأما على المؤمنين فدون ذلك كما جاء في الحديث :( إنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا ) قال إبراهيم التيمي : لا يكون على المؤمنين إلا كما يكون ما بين الظهر