صفحة رقم ٢٢٧
) منتقمون ( معناه أنهم لما لم يرجعوا بالعذاب الأدنى فانا منهم منتقمون بالعذاب الأكبر.
قوله تعالى ) ولقد آتينا موسى الكتاب ( أي التوراة ) فلا تكن في مرية ( أي في شك ) من لقائه ( أي من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس
( ق ) عن ابن عباس عن النبي ( ﷺ ) قال ( رأيت ليلة أسري بي موسى رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلاً مربوعاً مربوع الخلق إلى الحمرة وإلى البياض سبط الشعر، ورأيت مالكاً خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله أياه فلا تكن في مرية من لقائه ) ( م ) عن أنس أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( أتيت على موسى ليلة المعراج ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره ) فإن قلت قد صح في حديث المعراج أنه رآه في السماء السادسة عند مراجعته في الصلوات فكيف الجمع بين هذين الحديثين.
قلت يحتمل أن تكون رؤيته في قبره عند الكثيب الأحمر، كان قبل صعوده إلى السماء وذلك في طريقه إلى بيت المقدس، ثم لما صعد على السماء السادسة وجده هناك قد سبقه لما يريد الله عز وجل وهو على كل شيء قدير.
فإن قلت كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في دار الآخرة وليست دار عمل.
وكذلك رأى النبي ( ﷺ ) جماعة من الأنبياء وهم يحجون فما الجواب عن هذا ؟ قلت يجاب عنه بأجوبة أحدها : أن الأنبياء كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فلا يبعد أن يحجوا أو يصلوا كما صح في الحديث وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا وإن كانوا قد ماتوا لأنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل، إلى أن تفنى ثم يرحلون إلى دار الجزاء التي هي الجنة.
الجواب الثاني : أنه ( ﷺ ) رأى حالهم الذي كانوا عليه في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم.
الجواب الثالث : أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع، قال الله تعالى ) دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ( " وقال ( ﷺ ) ( يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس ) فالعبد يعبد ربه في الجنة أكثر مما كان يعبده في الدنيا وكيف لا يكون ذلك وقد صار حاله مثل حال الملائكة والذين قال الله في حقهم ) يسبحون الليل والنهار لا يفترون ( " غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي على مقتضى الطبع والله أعلم، وقيل في قوله ) فلا تكن في مرية من لقائه ( أي تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول ) وجعلناه ( أي الكتاب ) هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم ( أي من بني إسرائيل ) أئمة ( أي قادة للخير يقتدى بهم وهم الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل وقيل هم أتباع الأنبياء ) يهدون بأمرنا ( يعني يدعون الناس إلى طاعتنا ) لما صبروا ( يعني على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر ) وكانوا بآياتنا يوقنون ( يعني أنها من الله تعالى ) إن ربك هو يفصل ( أي يقضي ويحكم ) بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ( قيل هم الأنبياء وأممهم وقيل هم المؤمنون والمشركون قوله تعالى ) أو لم يهد لهم (


الصفحة التالية
Icon