صفحة رقم ٢٤٣
حتى بلغت الحلوق من الفزع والحنجرة جوف الحلقوم، وهذا على التمثيل عبر به عن شدة الخوف، وقيل معناه أنهم جبنوا وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه أن تنتفخ رئته وإذا انتفخت رئته رفعت القلب إلى الحنجرة فلهذا يقال : للجبان انتفخ سحره ) وتظنون بالله الظنونا ( أي اختلفت الظنون بالله فظن المنافقون استئصال محمد وأصحابه وظن المؤمنون النصر والظفر لهم.
الأحزاب :( ١١ - ١٨ ) هنالك ابتلي المؤمنون...
" هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا " ( ) هنالك ابتلي المؤمنون ( أي عند ذلك اختبر المؤمنون بالحصر والقتال ليتبين المخلصون من المنافقين ) وزلزلوا زلزالاً شديداً ( أي حركوا حركة شديدة ) وإذ يقول المنافقون ( يعني معتب بن قشير وقيل عبد الله بن أبيّ وأصحابه ) والذين في قلوبهم مرض ( أي شك وضعف اعتقاد ) ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ( هو قول أهل النفاق يعدنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله هذا هو الغرور.
قوله تعالى ) وإذ قالت طائفة منهم ( أي من المنافقين وهم أوس بن قيظي وأصحابه ) يا أهل يثرب ( يعني يا أهل المدينة وقيل يثرب اسم الأرض ومدينة الرسول ( ﷺ ) في ناحية منها سميت يثرب باسم رجل من العماليق كان قد نزلها في قديم الزمان وفي بعض الأخبار أن النبي ( ﷺ ) نهى أن تسمى المدينة يثرب وقال هي طيبة كأنه كره هذه اللفظة لما فيها من التثريب وهو التقريع والتوبيخ ) لا مقام لكم ( أي لا مكان لكم تنزلون وتقيمون فيه ) فارجعوا ( أي إلى منازلكم وقيل عن اتباع محمد ( ﷺ ) وقيل عن القتال ) ويستأذن فريق منهم النبي ( يعني بني حارثة وبني سلمة ) يقولون إن بيوتنا عورة ( أي خالية ضائعة وهي مما يلي العدو ونخشى عليها السراق فكذبهم الله تعالى بقوله ) وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً ( أي أنهم لا يخافون ذلك إنما يريدون الفرار من القتال ) ولو دخلت عليهم في أقطارها ( يعني لو دخل هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب من نواحي المدينة وجوانبها ) ثم سئلوا الفتنة ( أي الشرك ) لأتوها ( أي لجاؤوها وفعلوها ورجعوا عن الإسلام ) وما تلبثوا بها ( أي ما احتبسوا عن الفتنة ) إلا يسيرا ( أي لأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيبة به نفوسهم، وقيل معناه وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلا حتى يهلكوا.