صفحة رقم ٢٤٥
احتساب ولو كان ذلك القليل لله لكان كثيراً.
الأحزاب :( ١٩ - ٢٣ ) أشحة عليكم فإذا...
" أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " ( ) أشحة عليكم ( أي بخلاء بالنفقة في سبيل الله والنصرة وصفهم الله بالبخل والجبن ) فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم ( أي في رؤوسهم من الخوف والجبن ) كالذي يغشى عليه من الموت ( أي كدوران عين الذي قرب من الموت وغشيه أسبابه فإنه يذهب عقله ويشخص بصره فلا يطرف ) فإذا ذهب الخوف ( أي زال ) سلقوكم ( أي آذوكم.
ورموكم في حالة الأمن ) بألسنة حداد ( أي ذربة تفعل كفعل الحديد قال ابن عباس معناه عضوكم وتناولوكم بالنقص والغيبة، وقيل بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون أعطونا فإنا شهدنا معكم القتال فلستم بأحق بالغنيمة منا فهم عند الغنيمة أشجع قوم وعند الحرب أجبن قوم ) أشحة على الخير ( أي يشاحون المؤمنين عند الغنيمة فعلى هذا المعنى يكون المراد بالخير المال ) أولئك لم يؤمنوا ( أي لم يؤمنوا حقيقة الإيمان وإن أظهروا الإيمان لفظاً ) فأحبط الله أعمالهم ( أي التي كانوا يأتون بها مع المسلمين قيل هي الجهاد وغيره ) وكان ذلك على الله يسيراً ( أي إحباط أعمالهم مع أن كل شيء على الله يسير.
قوله تعالى ) يحسبون ( يعني هؤلاء المنافقين ) الأحزاب ( يعني قريشاً وغطفان واليهود ) لم يذهبوا ( أي لم ينصرفوا عن قتالهم جبناً وفرقاً وقد انصرفوا عنهم ) وإن يأت الأحزاب ( أي يرجعوا إليهم للقتال بعد الذهاب ) يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ( أي يتمنون لو أنهم كانوا في بادية مع الأعراب من الجبن والخوف ) يسألون عن أنبائكم ( أي عن أخباركم وما آل إليه أمركم ) ولو كانوا فيكم ( يعني هؤلاء المنافقين ) ما قاتلوا إلا قليلاً ( يعني يقاتلون قليلاً يقيمون به عذرهم فيقولون قد قاتلنا معكم وقيل هو الرمي بالحجارة وقيل رياء من غير احتساب.
قوله عز وجل ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ( أي قدوة صالحة أي اقتدوا به اقتداء حسناً وهو أن تنصروا دين الله وتؤازروا رسوله ولا تتخلفوا عنه وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ قد كسرت رباعيته وجرح وجهه وقتل عمه وأوذي بضروب الأذى فصبر وواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم كذلك أيضاً واستنوا بسنته ) لمن كان يرجوا الله ( يعني أن الأسوة برسول الله ( ﷺ ) لمن كان يرجو الله قال ابن عباس يرجو ثواب الله ) واليوم الآخر ( يعني ويخشى يوم البعث الذي فيه الجزاء ) وذكر الله كثيراً (