صفحة رقم ٢٦٣
وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك وهذا هو الأولى والأليق بحال الأنبياء وهو مطابق للتلاوة لأن الله تعالى أعلم أنه يبيدي ويظهر ما أخفاه ولم يظهر غير تزويجها منه فقال تعالى ) زوجناكها ( فلو كان الذي أضمره رسول الله ( ﷺ ) محبتها أو إرادة طلاقها لكان يظهر ذلك لأنه لا يجوز أن يخبر أنه يظهره ثم يكتمه، ولا يظهره فدل على أنه إنما عوتب على إخفاء ما أعلمه الله أنها ستكون زوجته وإنما أخفى ذلك استحياء أن يخبر زيداً أن التي تحتك وفي نكاحك ستكون زوجتي وهذا قول حسن مرضي، وكم من شيء يتحفظ منه الإنسان ويستحي من اطلاع الناس عليه وهو في نفسه مباح متسع، وحلال مطلق لا مقال فيه ولا عيب عند الله وربما كان الدخول في ذلك المباح سلماً إلى حصول واجبات يعظم أثرها في الدين هو إنما جعل الله طلاق زيد لها، وتزويج النبي ( ﷺ ) إياها لإزالة حرمة التبني وإبطال سنته كما قال الله تعالى ) وما كان محمد أبا أحد من رجالكم ( " وقال ) لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ( فإن قلت فما الفائدة في أمر النبي ( ﷺ ) زيداً بإمساكها.
قتل : هو أن الله تعالى أعلم نبيه أنها زوجته فنهاه النبي ( ﷺ )، عن طلاقها وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به فلما طلقها زيد خشي قول الناس يتزوج امرأة ابنه فأمره الله تعالى بزواجها ليباح مثل ذلك لأمته، وقيل : كان في أمره بإمساكها قمعاً للشهوة ورداً للنفس عن هواها وهذا إذا جوزنا القول المتقدم الذي ذكره المفسرون وهو أنه أخفى محبتها أو نكاحها لو طلقها زيد، ومثل ذلك لا يقدح في حال الأنبياء، مع أن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء، وأنه رآها فجأة فاستحسنها ومثل هذه لا نكرة فيه لما طبع عليه البشر من استحسان الحسن، ونظرة الفجأة معفو عنها ما لم يقصد مأثماً لأن الود وميل النفس من طبع البشر والله أعلم.
وقوله ) أمسك عليك زوجك واتق الله ( أمر بالمعروف، وهو حسن لا إثم فيه وقوله ) والله أحق أن تخشاه ( لم يرد به أنه لم يكن يخشى الله فيما سبق فإنه عليه الصلاة والسلام، قد قال أنا أخشاكم لله وأتقاكم له ولكنه لما ذكر الخشية من الناس، ذكر أن الله أحق بالخشية في عموم الأحوال في جميع الأشياء.
قوله عز وجل ) فلما قضى زيد منها وطراً ( أي حاجته منها، ولم يبق له فيها أرب وتقاصرت همته عنها وطابت عنها نفسه وطلقها، وانقضت عدتها وذكر قضاء الوطر ليعلم أن زوجته المتبني تحل بعد الدخول بها ) زوجناكها ( قال أنس : كانت زينب تفتخر على أزواج النبي ( ﷺ ) تقول : زوجكن آباؤكن وزوجني الله من فوق سبع سموات، وقال الشعبي :( كانت زينب تقول للنبي ( ﷺ ) إني لأدل عليك بثلاث ما من امرأة من نسائك تدل بهن جدي وجدك واحد وإني أنكحنيك الله في السماء وإن السفير جبريل عليه السلام ) ( م ) عن أنس قال لما انقضت عدة زينب، قال رسول


الصفحة التالية
Icon