صفحة رقم ٢٨٩
إلى الشام، وقيل : كانت قراهم أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ إلى الشام ) وقدرنا فيها السير ( أي قدرنا سيرهم بين هذه القرى فكان سيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم، فإذا ساروا نصف يوم وصلوا إلى القرية ذات مياه وأشجار، فكان مابين اليمن والشام كذلك ) سيروا ( أي وقلنا لهم سيروا ) فيها ليالي وأياماً ( أي في أي وقت شئتم ) آمنين ( أي لا تخافون عدواً ولا جوعاً ولا عطشاً فبطروا النعمة، وسئموا الراحة وطغوا ولم يصبروا على العافية فقالوا : لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيها وطلبوا الكد والتعب في الأسفار ) فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ( وقرىء باعد بين أسفارنا أي اجعل بيننا وبين الشام مفاوز وفلوات لنركب فيها الرواحل، ونتزود الأزواد فلما تمنوا ذلك عجل الله لهم الإجابة ) وظلموا أنفسهم ( أي بالبطر والطغيان ) فجعلناهم أحاديث ( أي عبرة لمن بعدهم يتحدثون بأمرهم وشأنهم ) ومزقناهم كل ممزق ( أي فرقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق قيل : لما غرقت قراهم تفرقوا في البلاد فأما غسان فلحقوا بالشام ومر الأزد إلى عمان وخزاعة إلى تهامة ومر الأوس والخزرج إلى يثرب، وكان الذين قدم منهم المدينة عمرو بن عامر، وهو جد الأوس والخزرج ولحق آل خزيمة بالعراق ) إن في ذلك لآيات ( أي لعبراً ودلالات ) لكل صبار ( أي عن المعاصي ) شكور ( أي لله على نعمه قيل، من المؤمن صابر على البلاء شاكر للنعماء وقيل : المؤمن إذا أعطى شكر وإذا ابتلي صبر.
قوله عز وجل ) ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ( قيل على أهل سبأ وقيل على الناس كلهم ) فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين ( قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني المؤمنين كلهم لأنهم لم يتبعوه في أصل الدين، وقيل هو خاص بالمؤمنين الذين يطيعون الله ولا يعصونه، قال ابن قتيبة : إن إبليس لما سأل النظرة فأنظره الله قال لأغوينهم ولأضلنهم ولم يكن مستيقناً وقت هذه المقالة


الصفحة التالية
Icon