صفحة رقم ٣٠٤
إليه إلا بكرمه، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفاء ثم ثنى بالمقتصدين، لأنهم بين الخوف والرجاء ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكره، وكلهم في الجنة وقيل رتبهم الترتيب على مقامات الناس، لأن أحوال العباد ثلاثة معصية وغفلة ثم توبة، ثم قربة فإذا عصى الرجل دخل في حيز الظالمين، فاذا تاب دخل جملة المقتصدين فاذا صحت توبته وكثرت عبادته ومجاهدته دخل في عداد السابقين، وقيل قدم الظالم لكثرة الظلم وغلبته ثم المقتصد قليل بالاضافة إلى الظالمين، والسابق أقل من القليل فلهذا أخرهم ومعنى سابق بالخيرات أي بالأعمال الصالحة إلى الجنة، أو إلى رحمة الله ) بإذن الله ( أي بأمر الله وإرادته ) ذلك هو الفضل الكبير ( يعني إيراثهم لكتابن واصطفاءهم ثم أخبر بثوابهم
فاطر :( ٣٣ - ٣٥ ) جنات عدن يدخلونها...
" جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب " ( فقال تعالى :( جنات عدن يدخلونها ( يعني الأصناف الثلاثة ) يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير ( تقدم تفسيره ) وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ( قال ابن عباس حزن النار وقيل حزن الموت وقيل حزن الذنوب والسيئات وخوف رد الطاعات وأنهم لا يدرون ما يصنع بهم وقيل حزن زوال النعم وتقليب القلوب وخوف العاقبة وقيل حزن أهوال يوم القيامة وهموم الحصر والمعيشة في الدنيا وقيل ذهب عن أهل الجنة كل حزن كان لمعاش أو معاد.
روى البغوي بسنده عن ابن عمر قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) ) إن ربنا لغفور شكور ( يعني غفر العظيم من الذنوب وشكر القليل من الأعمال ) الذي أحلنا ( يعني أنزلنا ) دار المقامة ( أي الإقامة ) من فضله ( أي لا بأعمالنا ) لا يمسنا فيها نصب ( أي لا يصيبنا فيها عناء ولا مشقة ) ولا يمسنا فيها لغوب ( أي إعياء من التعب.
فاطر :( ٣٦ - ٤٣ ) والذين كفروا لهم...
" والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا " ( قوله تعالى :( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ( أي فيستريحوا مما هم فيه ) ولا يخفف عنهم من عذابها ( أي من عذاب النار ) كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون ( أي يستغيثون ويصيحون ) فيها ( يقولون ) ربنا أخرجنا ( أي من النار ) نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل ( أي في الدنيا


الصفحة التالية
Icon