صفحة رقم ٣٦
إنها تبقى في الأرض نحو ثلاثة آلاف سنة.
قوله عزّ وجلّ ) وإن لكم في الأنعام لعبرة ( أي أية تعتبرون بها ) نسقيكم مما في بطونها ( أي ألبانها ووجه الاعتبار فيه أن اللبن يخلص إلى الضرع من بين فرث ودم بإذن الله تعالى ليس فيه منهما شيء فيستحيل إلى الطهارة وإلى طعم يوافق الشهوة والطبع ويصير غذاء، وتقدّم بسط الكلام بما فيه كفاية في سورة النحل ) ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون ( يعني كما تنتفعون بها وهي حية فكذلك تنتفعون بها بعد الذبح للأكل ) وعليها ( أي وعلى الإبل ) وعلى الفلك تحملون ( أي على الإبل في البر وعلى السفن في البحر.
قوله تعالى ) ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ( أي ما لكم معبوداً سواه ) أفلا تتقون ( أي أفلا تخافون عاقبة إذا عبدتم غيره ) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم ( أي آدمي مثلكم مشارك لكم في جميع الأمور ) يريد أن يتفضل عليكم ( أي إنه يحب الشرف والرياسة متبوعاً وأنتم له تبع ) ولو شاء الله لأنزل ملائكة ( يعني بإبلاغ الوحي ) ما سمعنا بهذا ( يعني الذي يدعونا إليه نوح ) في آياتنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة ( يعني جنون ) فتربصوا به حتى حين ( يعني إلى الموت فتستريحوا منه ) قال رب انصرني بما كذبون ( يعني أعني بإهلاكهم بتكذيبهم إياي ) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ( يعني بمرأى منا قاله ابن عباس.
وقيل بعلمنا وحفظنا لئلا يتعرض له أحد ولا يفسد عليه عمله ) ووحينا ( قيل : إن جبريل علمه عمل السفينة ووصف له كيفية اتخاذها ) فإذا جاء أمرنا ( يعني عذابنا ) وفار التنور ( قيل هو التنور الذي يخبز فيه وكان من حجارة، وقيل التنور هو وجه الأرض والمعنى أنك إذا رأيت الماء يفور من التنور ) فاسلك فيها ( يعني فأدخل في السفينة ) من كل زوجين اثنين ( يعني من كل حيوان ذكر وانثى ) وأهلك ( يعني وسائر من آمن بك ) إلا من سبق عليه القول ( يعني وجب عليه العذاب ) منهم ( يعني الكفار وقيل أراد بأهله أهل بيته خاصة والذي سبق عليه القول منهم هو ابنه كنعان ) ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ( قوله عزّ وجلّ ) فإذا استويت ( يعني اعتدلت ) أنت ومن معك على الفلك ( يعني في السفينة ) فقل الحمد لله الذين نجانا من القوم الظالمين ( يعني الكافرين ) وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً ( قيل موضع النزول وهو السفينة عند الركوب.
وقيل هو وجه الأرض بعد الخروج من السفينة وأراد بالبركة النجاة من الغرق وكثرة النسل بعد الإنجاء ) وأنت خير المنزلين ( معناه أنه قد يكون الإنزال من غير الله كما يكون من الله فحسن أن يقول وأنت خير المنزلين لأنه يحفظ من أنزله ويكلؤه في سائر أحواله ويدفع عنه المكره بخلاف منزل الضيف فإنه لا يقدر على ذلك.
المؤمنون :( ٣٠ - ٤٤ ) إن في ذلك...
" إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما كذبون قال عما قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون " ( ) إن في ذلك ( يعني الذي ذكر من أمر نوح والسفينة وإهلاك أعداء الله ) لآيات (