صفحة رقم ٥٠
وإذا تاب تقبل شهادته ويزول عنه اسم الفسق.
يروى ذلك عن عمر وابن عباس وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وطاوس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والشعبي وعكرمة وعمر بن عبد العزيز والزهري وبه قال مالك والشافعي.
وذهب قوم إلى أنّ شهادة المحدود في القذف لا تقبل أبداً وإن تاب وقالوا الاستثناء يرجع إلى قوله ) وأولئك هم الفاسقون ( وهو قول النخعي وشريح وأصحاب الرأي قالوا بنفس القذف لا ترد شهادته ما لم يحد قال الشافعي هو قبل أن يحد شر منه حين يحد لأن الحدود كفارات فكيف تردونها في أحسن حاليه وتقبلونها في شر حاليه.
وذهب الشافعي إلى أنّ حد القذف يسقط بالتوبة.
وقال : الاستثناء يرجع إلى الكل وعامة العلماء على أنه لا يسقط الحد بالتوبة إلا أن يعفو عنه المقذوف فيسقط كالقصاص يسقط بالعفو ولا يسقط بالتوبة.
فإن قلت إذا قبلت شهادته بعد التوبة فما معنى قوله أبداً ما دام مصرًّا على القذف لأنه أبد كل إنسان مدته على ما يليق به كما يقال شهادة الكافر لا تقبل أبداً يراد بذلك ما دام على كفره فإذا أسلم قبلت شهادته.
قوله عزّ وجلّ ) والذين يرمون ( أي يقذفون ) أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ( أي يشهدون على صحة ما قالوا ) إلا أنفسهم ( أي غير أنفسهم ) فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ( سبب نزول هذه الآية ما روي عن سهل بن الساعدي أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي فقال لعاصم : أرأيت لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل سل لي عن ذلك رسول الله ( ﷺ ) فسأل عاصم رسول الله ( ﷺ ) عن ذلك فكره رسول الله ( ﷺ ) المسألة وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله ( ﷺ ) فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله ( ﷺ ) فقال عاصم لعويمر لم تأتني بخير قد كره رسول الله ( ﷺ ) المسألة التي سألت عنها فقال عويمر : والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فجاء عويمر ورسول الله ( ﷺ ) وسط الناس فقال : يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فقال رسول الله ( ﷺ ) ( قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآناً فاذهب فأت بها قال سهل : فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله ( ﷺ ) فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله ( ﷺ ) قال مالك قال ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين ) أخرجاه في الصحيحين زاد في رواية ثم قال رسول الله ( ﷺ ) ( انظروا إن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين فلا أحسب عويمراً إلا وقد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أحسب عويمراً إلا قد كذب عليها ) فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله ( ﷺ ) من تصديق عويمر فكان بعد ينسب إلى أمه قوله أسحم أي أسود الأدعج الشديد سواج العين مع سعتها وقوله خدلج الساقين أي ممتلىء الساقين غليظهما وقوله، كأنه