صفحة رقم ٥٧
فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون إني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي.
فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه وهوى حتى أناخ راحلته فوطىء على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين ).
وفي رواية ( موغرين في نحر الظهيرة قالت فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهراً والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من النبي ( ﷺ ) اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ثم ينصرف فذلك الذي يريبني مه ولا أشعر بالشر حتى نقهت فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب حين فرغنا من شأننا نمشي فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت : أتسبين رجلاً قد شهد بدراً ؟ فقالت : يا هنتاه أولم تسمعي ما قال ؟ قلت : ما قال فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضاً إلى مرضي فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله ( ﷺ ) ثم قال : كيف تيكم قلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قال وأنا حينئذٍ أريد أن أتيقن الخبر من قبلها فأذن لي رسول الله ( ﷺ ) ثم فأتيت أبوي قالت فقلت لأمي يا أمتاه ماذا يتحدث الناس به فقالت : يا بنية هوني على نفسك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت : فقلت سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي قالت : ودعا رسول الله ( ﷺ ) علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت : فأما أسامة فاشار عليه بما يعلم براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه ومن الود فقال أسامة هم أهلك يا رسول الله ولا نعلم والله إلا خيراً وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل