صفحة رقم ٧٨
فإنه من شجرة مباركة ) أخرجه الترمذي.
وقوله ) لا شرقية ولا غربية ( أي ليست شرقيه وحدها فلا تصيبها الشمس إذا غربت ولا غربية وحدها فلا تكون الشمس بالغداة، إذا طلعت بل مصاحبة للشمس طول النهار تصيبها الشمس عند طلوعها، وعند غروبها فتكون شرقية غربية تأخذ حظها من الأمرين فيكون زيتها أضوأ، وهذا معنى قول ابن عباس وقيل معناه أنها ليست في مقنأة لا تصيبها الشمس، ولا في مضحاة لا يصيبها الظل فهي لا تضرها شمس ولا ظل وقيل معناه أنها معتدلة ليست في شرق يضرها الحر، ولا في غرب يضرها البرد وقيل معناه هي شامية لأن الشام وسط الأرض، لا شرقي ولا غربي وقيل ليست هذه الشجرة من أشجار الدنيا لأنها لو كانت في الدنيا لكانت شرقية أو غربية، وإنما هو مثل ضربه الله لنوره ) يكاد زيتها يضيء ( أي من صفائه ) ولو لم تمسسه نار ( أي قبل أن تمسه النار ) نور على نور ( أي نور المصباح على نور الزجاجة.

فصل في بيان التمثيل المذكور في الآية


اختلف أهل العلم في معنى هذا التمثيل، فقيل : المراد به الهدى ومعناه أن هداية الله تعالى قد بلغت في الظهور والجلاء إلى أقصى الغايات، وصار ذلك بمنزلة المشكاة التي فيها زجاجة صافية وفي تلك الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في الصفاء، والرقة والبياض فإذا كان كذلك كان كاملاً في صفائه، وصلح أن يجعل مثلاً لهداية الله تعالى وقيل وقع هذا التمثيل لنور محمد ( ﷺ ) قال ابن عباس لكعب الأحبار : أخبرني عن قوله تعالى ) مثل نوره كمشكاة ( قال كعب : هذا مثل ضربه الله لنبيّه ( ﷺ ) فالمشكاة صدره والزجاجة قلبه والمصباح فيه النبوة توقد من شجرة مباركة هي شجرة النبوة يكاد نور محمد ( ﷺ ) وأمره يتبين للناس ولو لم يتكلم به أنه نبيّ كما يكاد ذلك الزيت يضيء، ولو لم تمسسه نار وروي عن ابن عمر في هذه الآية قال المشكاة : جوف محمد ( ﷺ ) والزجاجة قلبه والمصباح النور الذي جعله الله فيه لا شرقية ولا غربية، لا يهودي ولا نصراني توقد من شجرة مباركة إبراهيم نور على نور قلب إبراهيم ونور قلب محمد ( ﷺ ) : وقال محمد بن كعب القرظي : المشكاة إبراهيم، والزجاجة إسماعيل والمصباح محمد ( ﷺ ) وعليهم أجمعين سمى الله محمداً مصباحاً، كما سماه سراجاً منيراً والشجرة المباركة إبراهيم عليه السلام لأن أكثر


الصفحة التالية
Icon