صفحة رقم ٨٥
) بل أولئك هم الظالمون ( أي لأنفسهم بإعراضهم عن الحق.
قوله عزّ وجلّ ) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ( أي إلى كتاب الله ) ورسوله ليحكم بينهم ( هذا تعليم أدب الشرع على أي من هذه صفته ) هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ( قال ابن عباس فيما ساءه وسره ) ويخش الله ( أي على ما عمل من الذنوب ) ويتقه ( أي فيما بعد ) فأولئك هم الفائزون ( يعني الناجون.
قوله تعالى ) وأقسموا بالله جهد أيمانهم ( قيل : جهد اليمين أن يحلف بالله ولا يزيد على ذلك شيئاً ) لئن أمرتهم ليخرجن ( وذلك أن المنافقين كانوا يقولون لرسول الله ( ﷺ ) أينما كنت نكن معك لئن خرجت خرجنا، ولئن أقمت أقمنا، ولئن أمرتنا بالجهاد جاهدنا وقيل لما نزل بيان كراهتهم لحكم الله ورسوله قالوا للنبيّ ( ﷺ ) لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا، وأموالنا ونسائنا لخرجنا، فكيف لا نرضى بحكمك فقال الله تعالى ) قل ( لهم ) لا تقسموا ( يعني لا تحلفوا، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال ) طاعة معروفة ( يعني هذه طاعة القول باللسان دون الإعتقاد بالقلب، هي معروفة يعني أمر عرف منكم أنكم تكذبون، وتقولون ما لا تفعلون وقيل : معناه طاعة معروفة بنية خالصة أفضل وأمثل من يمين باللسان لا يوافقها الفعل ) إن الله خبير بما تعلمون ( يعني من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل ) قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ( يعني بقلوبكم وصدق نياتكم ) فإن تولوا ( يعني أعرضوا عن طاعة الله ورسوله ) فإنما عليه ( أي على الرسول ) ما حمل ( أي ما كلف وأمر به من تبليغ الرسالة ) وعليكم ما حملتم ( أي ما كلفتم من الإجابة والطاعة ) وإن تطيعوه تهتدوا ( أي تصيبوا الحق والرشد في طاعته ) وما على الرسل إلا البلاغ المبين ( أي التبليغ الواضح البين.
قوله عزّ وجلّ ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ( قيل مكث النبيّ ( ﷺ ) بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه، وأمروا بالصبر على أذى الكفار فكانوا يصبحون ويمسون خائفين ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة وأمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم : سلاحه فقال رجل منهم أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح فأنزل الله هذه الآية، ومعنى ليستخلفنهم والله ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم، فجعلهم ملوكها