صفحة رقم ٩٦
من أن تدعوا مرة واحدة فادعوا أدعية كثيرة.
قوله عز وجل ) قل أذلك خير ( أي الذي ذكرت منه صفة النار وأهلها ) أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاءً ومصيراً ( أي ثواباً ومرجعاً لهم قال تعالى ) لهم فيها ما يشاؤون ( أي أن جميع المرادات لا تحصل إلا في الجنة، لا في غيرها.
فإن قلت : قد يشتهي الإنسان شيئاً، وهو لا يحصل في الجنة كأن يشتهي الولد ونحوه وليس هو في الجنة قلت إنّ الله يزيل ذلك الخاطر عن أهل الجنة، بل كان واحد من أهل الجنة مشتغل بما هو فيه من اللذات الشاغلة عن الالتفات إلى غيره ) خالدين ( أي في نعيم الجنة ومن تمام النعيم أن يكون دائماً، إذ لو انقطع لكان مشوباً بضرب من الغم وأنشد في المعنى :
أشد الغم عندي في سرور
تيقن عنه صاحبه انتقالا
) كان على ربك وعداً مسؤولاً ( أي مطلوباً، وذلك أن المؤمنين سألوا ربهم في الدنيا حين قالوا ) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ( " وقالوا ) ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ( يقول كان إعطاء الله المؤمنين جنة وعداً، وعدهم على طاعتهم إياه في الدنيا ومسألتهم إياه ذلك الوعد وقيل الطلبة من الملائكة للمؤمنين وذلك قولهم ) ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم (
قوله تعالى ) ويوم نحشر وما يعبدون من دون الله ( يعني من الملائكة والإنس والجن مثل عيسى والعزير، وقيل يعني الأصنام ثم يخاطبهم ) فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ( أي أخطؤوا الطريق.
الفرقان :( ١٨ - ٢٣ ) قالوا سبحانك ما...
" قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " ( ) قالوا ( يعني المعبودين ) سبحانك ( نزهوا الله سبحانه وتعالى من أن يكون معه آلهة ) ما ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ( يعني ما كان ينبغي لنا أن نوالي أعداءك، بل أنت ولينا من دونهم وقيل معناه، ما كان لنا أن نأمرهم بعبادتنا ونحن نعبدك ونحن عبيدك ) ولكن متعتهم وآباءهم ( أي بطول العمر والصحة والنعمة في الدنيا ) حتى نسوا الذكر ( معناه تركوا المواعظ والإيمان بالقرآن وقيل تركوا ذكرك وغفلوا عنه ) وكانوا قوماً بوراً ( معناه هلكى أي غلب عليهم الشقاء والخذلان ) فقد كذبوكم ( هذا خطاب مع المشركين أي كذبكم المعبودون ) بما تقولون ( يعني أنهم آلهة ) فما يستطيعون ( أي الآلهة ) صرفاً ( أي صرف العذاب عن أنفسهم ) ولا نصراً ( يعني ولا نصر أنفسهم وقيل لا ينصرونكم أيها العابدون بدفع العذاب عنكم ) ومن يظلم منكم ( يعني يشرك ) نذقه عذاباً كبيراً (.
قوله عز وجل ) وما أرسلنا قبلك ( أي يا محمد ) من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام


الصفحة التالية
Icon