صفحة رقم ١٠٦
افعلا ما أمرتكما وإلا ألجأتكما إلى ذلك حتى تفعلاه كرها فأجابتا بالطوع ) قالتا أتينا طائعين ( معناه أتينا بما فينا طائعين فلما وصفهما بالقول أجراهما في الجمع مجرى من يعقل.
قيل قال الله تعالى لهما أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد أما أنت يا سماء فاطلعي شمسك وقمرك ونجومك وأنت يا أرض فشقي أنهارك وأخرجي ثمرك ونباتك وقوله تعالى )
فصلت :( ١٢ - ١٤ ) فقضاهن سبع سماوات...
" فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون " ( وقوله تعالى :( فقضاهن سبع سموات ( أي أتمهن وفرغ من خلقهن ) في يومين ( وهما الخميس والجمعة ) وأوحى في كل سماء أمرها ( قال ابن عباس خلق في كل سماء خلقاً من الملائكة وخلق ما فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلمه إلا الله تعالى وقيل أوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي ) وزينا السماء الدنيا ( أي التي تلي الأرض ) بمصابيح ( أي بكواكب تشرق كالمصابيح ) وحفظاً ( أي وجعلناها يعني الكواكب حفظاً للسماء من الشياطين الذين يسترقون السمع ) ذلك ( أي الذي ذكر من صنعه وخلقه ) تقدير العزيز ( أي في ملكه ) العليم ( أي بخلقه وفيه إشارة إلى كمال القدرة والعلم.
قوله تعالى :( فإن أعرضوا ( يعني هؤلاء المشركين عن الإيمان بعد هذا البيان ) فقل أنذرتكم ( أي خوفتكم ) صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ( أي هلاكاً مثل هلاكهم والصاعقة المهلكة من كل شيء ) إذ جاءتهم الرسل ( يعني إلى عاد وثمود ) من بين أيديهم ( يعني الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم ) ومن خلفهم ( يعني ومن بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم وهم الرسل الذين أرسلوا إليهم وهما هود وصالح وإنما خص هاتين القبيلتين لأن قريشاً كانوا يمرون على بلادهم ) أن لا ( أي بأن لا ) تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ( يعني لو شاء ربنا دعوة الخلق لأنزل ملائكة بدل هؤلاء الرسل ) فإنا بما أرسلتم به كافرون ( روى البغوي بإسناد الثعلبي عن جابر بن عبد الله قال :( قال الملأ من قريش وأبو جهل قد التبس علينا أمر محمد فلو التمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر فأتاه فكلمه ثم أتينا ببيان من أمره، فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علماً وما يخفى عليّ إن كان كذلك، فأتاه فلما خرج إليه قال : يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب أنت خير أم عبد الله فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا فإن كان ما بك للرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رئيساً ما بقيت وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختارهن من أي بنات قريش وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ورسول الله ( ﷺ ) ساكت لا يتكلم فلما فرغ قرأ رسول الله ( ﷺ ) ) حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته ( " إلى قوله تعالى ) فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ( فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم فقال أبو جهل يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته فانطلقوا بنا إليه