صفحة رقم ١٣٠
الزخرف :( ١ - ٥ ) حم
" حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين " ( قوله عز وجل :( حم والكتاب المبين ( أقسم بالكتاب وهو القرآن الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة وأبان ما تحتاج إليه الأمة من الشريعة وقيل المبين يعني الواضح للمتدبرين وجواب القسم ) إنا جعلناه ( أي صيرنا هذا الكتاب عربياً وقيل بيناه وقيل سميناه وقيل وصفناه وقيل أنزلناه ) قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ( يعني معانيه وأحكامه ) وإنه ( يعني القرآن ) في أم الكتاب ( أي في اللوح المحفوظ، قال ابن عباس : أول ما خلق الله عز وجل القلم فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق في الكتاب عنده ثم قرأ ) وإنه في أم الكتاب لدينا ( أي عندنا فالقرآن مثبت عند الله تعالى في اللوح المحفوظ ) لعلي حكيم ( أخبر عن شرفه وعلو منزلته، والمعنى إن كذبتم يا أهل مكة بالقرآن فإنه عندنا لعليّ أي رفيع شريف، وقيل على علي جميع الكتب حكيم أي محكم لا يتطرق إليه الفساد والبطلان.
قوله تعالى :( أفنضرب عنكم الذكر صفحاً ( معناه أفنترك عنكم الوحي ونمسك عن إنزال القرآن فلا نأمر ولا ننهاكم من أجل أنكم أسرفتم في كفركم وتركتم الإيمان وهو قوله تعالى :( أن كنتم ( أي لأن كنتم ) قوماً مسرفين ( والمعنى لا نفعل ذلك قال قتادة والله لو كان هذا القرآن رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله عز وجل عاد بعائدته وكرامته فكرره عليهم عشرين سنة أو ما شاء الله، وقيل : معناه أفنضرب عنكم بذكرنا إياكم صافحين أي معرضين عنكم، وقيل : معناه أفنطوي الذكر عنكم طياً فلا تدعون ولا توعظون وقيل أفتترككم فلا نعاقبكم على كفركم.
الزخرف :( ٦ - ١٢ ) وكم أرسلنا من...
" وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزؤون فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون " ( ) وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون ( يعني كاستهزاء قومك بك وفيه تسلية للنبي ( ﷺ ) ) فأهلكنا أشد منهم بطشاً ( أي أقوى من قومك قوة ) ومضى مثل الأولين ( أي صفتهم والمعنى أن كفار قريش سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم فليحذروا أن ينزل بهم مثل ما نزل بالأولين من الخزي والعقوبة.
قوله عز وجل :( ولئن سألتهم ( أي ولئن سألت يا محمد قومك ) من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ( يعني أنهم أقروا بأن الله تعالى خلقهما وأقروا بعزته وعلمه ومع إقرارهم بذلك عبدوا غيره وأنكروا قدرته على البعث لفرط جهلهم ثم ابتدأ تعالى