صفحة رقم ١٤٦
أنه لما قطع موسى البحر رجع ليضربه بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون بجنوده فقيل لموسى اترك البحر كما هو ) إنهم جند مغرقون ( يعني أخبر موسى بإغراقهم ليطمئن قلبه في تركه البحر كما هو ) كم تركوا ( أي بعد الغرق ) من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ( أي مجلس شريف حسن ) ونعمة ( أي وعيش لين رغد ) كانوا فيها ( أي في تلك النعمة ) فاكهين ( أي ناعمين وقرىء فكهين أي أشرين بطرين.
الدخان :( ٢٨ - ٣٧ ) كذلك وأورثناها قوما...
" كذلك وأورثناها قوما آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين ولقد اخترناهم على علم على العالمين وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين " ( ) كذلك ( أي أفعل بمن عصاني ) وأورثناها قوماً آخرين ( يعني بني إسرائيل ) فما بكت عليهم السماء والأرض ( وذلك أن المؤمن إذا مات تبكي عليه السماء والأرض أربعين صباحاً، وهؤلاء لم يكن يصعد لهم عمل صالح فتبكي السماء على فقده ولا لهم على الأرض عمل صالح فتبكي الأرض عليه.
عن أنس بن مالك عن النبي ( ﷺ ) أنه قال ( ما من مؤمن إلا وله بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه ) فذلك قوله تعالى :( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ( ( أخرجه الترمذي وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، قيل : بكاء السماء حمرة أطرافها، وقال مجاهد : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً فقيل : أوتبكي، فقال : وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره فيها دوي كدوي النحل وقيل المراد أهل السماء وأهل الأرض ) وما كانوا منظرين ( أي لم يمهلوا حين أخذهم العذاب لتوبة ولا لغيرها قوله عز وجل :( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين ( أي من قتل الأبناء واستحياء النساء والتعب في العمل ) من فرعون إنه كان عالياً ( أي جباراً ) من المسرفين ولقد اخترناهم على علم ( أي علمه الله تعالى فيهم ) على العالمين ( أي عالمي زمانهم ) وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ( أي نعمة بينة من فلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى والنعم التي أنعمنا بها عليهم وقيل ابتلاؤهم بالرخاء والشدة ) إن هؤلاء ( يعني مشركي مكة ) ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى ( أي لا موتة لنا إلا هذه التي نموتها في الدنيا ولا بعث بعدها وهو قوله ) وما نحن بمنشرين ( أي بمبعوثين بعد موتتنا هذه ) فأتوا بآبائنا ( أي الذين ماتوا قبل ) إن كنتم صادقين ( أي إنا نبعث أحياء بعد الموت قيل طلبوا من النبي ( ﷺ ) أن يحيي لهم قصي بن كلاب ثم خوفهم مثل عذاب الأمم الخالية فقال تعالى :( أهم خير أم قوم تبع ( أم ليسوا خيراً من قوم تبع يعني في الشدة والقوة والكثرة قيل هو تبع الحميري