صفحة رقم ١٦٤
بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين " ( قوله تعالى :( واذكر أخا عاد ( يعني هوداً عليه السلام ) إذ أنذر قومه بالأحقاف ( قال ابن عباس : الأحقاف وادٍ بين عمان ومهرة.
وقيل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له مهرة.
وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود، رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة إرم.
وقيل : إن عاداً كانوا أحياء باليمن وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر.
والأحقاف : جمع حقف وهو المستطيل من الرمل فيه اعوجاج كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلاً.
وقيل : الأحقاف ما استدار من الرمل ) وقد خلت النذر ( أي مضت الرسل ) من بين يديه ( أي من قبل هود ) ومن خلفه ( أي من بعده ) ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ( والمعنى : أن هوداً قد أنذرهم بذلك وأعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره ) قالوا أجئتنا لتأفكنا ( أي لتصرفنا ) عن آلهتنا ( أي عبادتها ) فأتنا بما تعدنا ( أي من العذاب ) إن كنت من الصادقين ( يعني أن العذاب نازل بنا ) قال ( يعني هوداً ) إنما العلم عند الله ( يعني هو يعلم متى يأتيكم العذاب ) وأبلغكم ما أرسلت به ( يعني من الوحي الذي أنزله الله عليّ وأمرني بتبليغه إليكم ) ولكني أراكم قوماً تجهلون ( يعني قدر العذاب الذي ينزل بكم ) فلما رأوه ( يعني رأوا ما يوعدون به من العذاب ثم بينه فقال تعالى :( عارضاً ( يعني رأوا سحاباً عارضاً وهو السحاب الذي يعرض في ناحية السماء ثم يطبق السماء ) مستقبل أوديتهم ( وذلك أنه خرجت عليهم سحابة سوداء من ناحية وادٍ يقال له المغيث وكان قد حبس عنهم المطر مدة طويلة فلما رأوا تلك السحابة استبشروا بها ثم ) قالوا هذا عارض ممطرنا ( قال الله رداً عليهم ) بل هو ما استعجلتم به ( يعني من العذاب ثم بين ماهية ذلك العذاب فقال تعالى :( ريح فيها عذاب أليم ( ثم وصف تلك الريح فقال تعالى :( تدمر كل شيء بأمر ربها ( يعني تهلك كل شيء مرت به من رجال عاد وأموالهم يقال : إن تلك الريح كانت تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة حتى ترى كأنها جرادة فلما رأوا ذلك، دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فجاءت الريح فقلعت الأبواب وصرعتهم.
وأمر الله الريح، فأهالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين.
ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمل واحتملتهم فرمت بهم في البحر.
وقيل : إن هوداً عليه السلام لما أحس بالريح، خط على نفسه وعلى من معه من المؤمنين خطاً فكانت الريح تمر بهم لينة باردة طيبة والريح التي تصيب قومه شديدة عاصفة مهلكة وهذه معجزة عظيمة لهود عليه السلام.
الأحقاف :( ٢٦ - ٢٨ ) ولقد مكناهم فيما...
" ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون " ( ولقد مكنّاهم فيما إن مكناكم فيه ( الخطاب لأهل مكة يعني مكناهم فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطول الأعمار وكثرة الأموال


الصفحة التالية
Icon