صفحة رقم ١٧٠
لفظة من هنا زائدة والتقدير يغفر لكم ذنوبكم وقيل : هي على أصلها وذلك أن الله يغفر من الذنوب ما كان قبل الإسلام فإذا أسلموا جرت عليهم أحكام الإسلام فمن أتى بذنب أخذ به ما لم يتب منه أو يبقى تحت خطر المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء آخذه بذنبه واختلف العلماء في حكم مؤمني الجن، فقال قوم : ليس لهم ثواب إلا نجاتهم من النار.
وتأولوا قوله :( يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم (.
وإليه ذهب أبو حنيفة.
وحكي عن الليث قال : ثوابهم أن يجاروا من النار ثم يقال لهم : كونوا تراباً مثل البهائم.
وعن أبي الزناد قال : إذا قضى بين الناس، قيل لمؤمني الجن : عودوا تراباً، فيعودون، تراباً.
فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً.
وقال الآخرون : لهم الثواب في الإحسان كما يكون عليهم العقاب في الإساءة كالإنس وهذا هو الصحيح وهو قول ابن عباس وإليه ذهب مالك وابن أبي ليلى.
قال الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون.
وقال أرطأة بن المنذر : سألت ضمرة بن حبيب : هل للجن ثواب ؟ قال : نعم وقرأ ) لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ( " قال : فالإنسيات للإنس والجنيات للجن وقال عمر بن عبد العزيز : إن مؤمني الجن حول الجنة في ربض ورحاب وليسوا فيها يعني في الجنة.
وقوله تعالى :( ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ( يعني لا يعجز الله فيفوته ) وليس له من دونه أولياء ( يعني أنصاراً يمنعونه من الله ) أولئك ( يعني الذين لم يجيبوا داعي الله ) في ضلال مبين ( قوله تعالى :( أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن ( يعني أنه تعالى خلق هذا الخلق العظيم ولم يعجز عن إبداعه واختراعه وتكوينه ) بقادر على أن يحيي الموتى ( يعني أن إعادة الخلق وإحياءه بعد الموت أهون عليه من إبداعه وخلقه فالكل عليه هين إبداع الخلق وإعادته بعد الموت وهو قوله ) بلى إنه على كل شيء قدير ( يعني من إماتة الخلق وإحيائهم لأنه قادر على كل شيء.
الأحقاف :( ٣٤ - ٣٥ ) ويوم يعرض الذين...
" ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " ( ) ويوم يعرض الذين كفروا على النار ( فيه إضمار تقديره فيقال لهم ) أليس هذا بالحق ( يعني هذا العذاب هو الذي وعدكم به الرسل وهو الحق ) قالوا بلى وربنا ( هذا اعتراف منهم على أنفسهم بعد ما كانوا منكرين لذلك وفيه توبيخ وتقريع لهم فعند ذلك ) قال ( لهم ) فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ( قوله عز وجل :( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ( الخطاب للنبي ( ﷺ ) أمره الله تعالى بالاقتداء بأولي العزم من الرسل في الصبر