صفحة رقم ١٨٨
سنين خلق كثير، فعز الإسلام بذلك وأكرم الله عز وجل رسوله ( ﷺ ).
وقوله عز وجل :( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ( قيل اللام في قوله ليغفر لك الله والمعنى فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة بالفتح، وقال الحسن بن الفضل : هو مردود إلى قوله تعالى :( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ( " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ( وقال ابن جريج : هو راجع إلى قوله في سورة النصر ) واستغفره إنه كان تواباً ( " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وقيل إن الفتح لم يجعل سببا للمغفرة ولكن لاجتماع ما قدر له من الأمور الأربعة المذكورة وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز كأنه قال يسرنا لك الفتح ونصرناك على عدوك وغفرنا لك ذنبك وهديناك صراطا مستقيما ليجتمع لك عز الدارين وأغراض العاجل والآجل وقيل يجوز أن يكون الفتح سببا للغفران لأنه جهاد للعدو وفيه الثواب والمغفرة مع الظفر بالعدو والفوز بالفتح وقيل لمال كان هذا الفتح سببا لدخول مكة والطواف بالبيت كان ذلك سببا للمغفرة ومعنى الآية ليغفر لك جميع ما فرط منك ما تقدم من ذنبك يعني قبل النبوة وما تأخر يعني بعدها وهذا على قول من يجوز الصغائر على الأنبياء وقال عطاء الخراساني ما تقدم من ذنبك يعني من ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك وما تأخر من ذنوب أمتك بدعائك لهم وقال سفيان الثوري ما تقدم من ذنبك مما كان منك قبل النبوة وما تأخر يعني كل شيء لم تعمله ويذكر مثل هذا على طريق التأكيد كما تقول أعط من تراه ومن لم تره واضرب من لقيت ومن لم تلقه فيكون المعنى ما وقع لك من ذنب وما لم يقع فهو مغفور لك وقيل المراد منه ما كان من سهو وغفلة وتأول لأن النبي ( ﷺ ) لم يكن له ذنب كذنوب غيره فالمراد يذكر الذنب هنا ما عسى أن يكون وقع منه من سهو ونحو ذلك لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين فسماه ذنبا فما كان من هذا القبيل وغيره فهو مغفور له فأعلمه الله عز وجل بذلك وإنه مغفور له ليتم نعمته عليه وهو قوله تعالى ) ويتم نعمته عليك ( يعني بالنبوة وما أعطاك من الفتح والنصر والتمكين ) ويهديك صراطا مستقيما ( يعني ويهديك إلى صراط مستقيم وهو الإسلام ويثبتك