صفحة رقم ١٩٣
انظروا ما يكون من أمرهم ) وكنتم قوماً بوراً ( يعني وصرتم بسبب ذلك الظن الفاسد قوماً بائرين هالكين ) ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيراً (.
لما بين الله تعالى حال المخلفين عن رسول الله ( ﷺ ) وبين حال ظنهم الفاسد وإن ذلك يفضي بصاحبه إلى الكفر حرضهم على الإيمان والتوبة من ذلك الظن الفاسد فقال تعالى :( ومن لم يؤمن بالله ورسوله ( وظن أن الله يخلف وعده فإنه كافر وإنا أعتدنا للكافرين سعيراً ) ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ( لما ذكر الله تعالى حال المؤمنين المبايعين لرسول الله ( ﷺ ) وحال الظانين ظن السوء أخبر أن له ملك السموات والأرض ومن كان كذلك فهو يغفر لمن يشاء بمشيئته ويعذب من يشاء ولكن غفرانه ورحمته أعم وأشمل وأتم وأكمل وإليه الإشارة بقوله تعالى :( وكان الله غفوراً رحيماً ( قوله عز وجل :( سيقول المخلفون ( يعني الذين تخلفوا عن الحديبية ) إذا انطلقتم ( يعني إذا سرتم وذهبتم أيها المؤمنون ) إلى مغانم لتأخذوها ( يعني غنائم خيبر وذلك أن المؤمنين لما انصرفوا من الحديبية على صلح من غير قتال ولم يصيبوا من الغنائم شيئاً وعدهم الله عز وجل فتح خيبر وجعل غنائمها لمن شهد الحديبية خاصة عوضاً عن غنائم أهل مكة حيث انصرفوا عنهم ولم يصيبوا منهم شيئاً ) ذرونا نتبعكم ( يعني إلى خيبر فنشهد معكم قتال أهلها وفي هذا بيان كذب المتخلفين عن الحديبية حيث قالوا : شغلتنا أموالنا وأهلونا إذ لم يكن لهم هناك طمع في غنيمة وهنا قالوا : ذرونا نتبعكم حيث كان لهم طمع في الغنيمة ) يريدون أن يبدلوا كلام الله ( يعني يريدون أن يغيروا ويبدلوا مواعيد الله لأهل الحديبية حيث وعدهم غنيمة خيبر لهم خاصة وهذا قول جمهور المفسرين.
الفتح :( ١٦ - ١٨ ) قل للمخلفين من...
" قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " ( قوله عز وجل :( قل للمخلفين من الأعراب ( لما قال الله للنبي ( ﷺ ) : قل لن تتبعونا، وكان المخلفون جمعاً كثيراً من قبائل متشعبة، وكان فيهم من ترجى توبته وخيره بخلاف الذين مردوا على النفاق واستمروا عليه، فجعل الله عز وجل لقبول توبتهم علامة، وهي أنهم يدعون إلى قوم أولى بأس شديد، فإن أطاعوا، كانوا من المؤمنين ويؤتيهم الله أجراً حسناً وهو الجنة، وإن تولوا وأعرضوا عما دعوا إليه، كانوا من المنافقين ويعذبهم عذاباً أليماً.
واختلفوا في المشار إليهم بقوله ) ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ( من هم فقال ابن عباس ومجاهد : هم أهل فارس.
وقال كعب : هم الروم.
وقال