صفحة رقم ٢٠٤
واحد منهما حديث صاحبه قالا :( خرج رسول الله ( ﷺ ) من المدينة عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق معه سبعين بدنة والناس سبعمائة رجل وكانت كل بدنة عن عشرة نفر فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عيناً له من خزاعة يخبره عن قريش.
وسار النبي ( ﷺ ) حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريباً من عسفان أتى عتبة الخزاعي.
وقال : إن قريشاً قد جمعوا لك جموعاً وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت.
فقال النبي ( ﷺ ) : أشيروا عليّ أيها الناس أترون أن أميل على ذراري هؤلاء الذين عاونوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين وإن نجوا تكن عنقاً قطعها الله أو ترون أن نؤم البيت لا نريد قتال أحد ولا حرباً فمن صدنا عنه قاتلناه.
فقال أبو بكر : يا رسول الله إنما جئت عامداً لهذا البيت لا تريد قتال أحد ولا حرباً فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه قال : امضوا على اسم الله فنفذوا.
قال النبي ( ﷺ ) : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش.
وسار النبي ( ﷺ ) حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت راحلته فقال الناس : حل حل.
فألحت فقالوا خلأت القصواء فقال النبي ( ﷺ ) من خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال : والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمات الله وفيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت.
قال : فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتربضه الناس تربضاً فلم يلبث الناس أن نزحوه.
وشكا الناس إلى النبي ( ﷺ ) العطش، فنزع سهماً من كنانته وأعطاه رجلاً من أصحابه يقال له ناجية بن عمير وهو سائق بدن النبي ( ﷺ ) فنزل في البئر فغرزه في جوفه.
فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله ( ﷺ ) من أهل تهامة فقال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا على أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال النبي ( ﷺ ) :( إنا لم نجىء لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر.
فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل الناس فيه فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على


الصفحة التالية
Icon