صفحة رقم ٢٠٨
وقد جئت مسلماً ألا ترون ما لقيت، وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً، وفي الحديث، أن رسول الله ( ﷺ ) قال : يا أبا جندل احتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك في المستضعفين فرجاً ومخرجاً إنَّا قد قعدنا بيننا وبين القوم عقداً وصلحاً وإنا لا نغدر، فوثب عمر إلى جنب أبي جندل وجعل يقول : اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون ودم أحدهم دم كلب ويدني السيف منه.
قال عمر : ورجوت أن يأخذ السيف فيضربه به فضن الرجل بأبيه وقد كان أصحاب النبي ( ﷺ ) خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله ( ﷺ )، فلما رأوا ذلك، دخل الناس أمر عظيم حتى كادوا يهلكون وزادهم أمر أبي جندل شرّاً إلى ما بهم.
قال عمر : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ قال الزهري في حديثه عن مروان والمسور وروى أبو وائل عن سهل بن حنيف قال عمر بن الخطاب فأتيت النبي ( ﷺ ) ؛ فقلت : ألست نبي الله حقاً ؟ قال : بلى.
قلنا : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل.
قال : بلى.
قلت : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار.
قال : بلى.
قلت : فلم نعط الدنية في ديننا إذا قال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت أولست كنت تحدثنا إنّا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى.
أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا.
قال : فإنك آتيه وتطوف به.
قال : فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً ؟ قال : بلى قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى.
قلت : فلم نعطى الدنية في ديننا ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله ( ﷺ ) وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق.
قلت : أليس كان يحدثنا أنه سيأتي البيت ويطوف به ؟ قال : بلى.
أفأخبرك أنه آتيه العام ؟ قلت : لا.
قال : فإنك تأتيه وتطوف به.
قال عمر : فعملت لذلك أعمالاً، فلما فرغ من قضية الكتاب.
قال رسول الله ( ﷺ ) لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم أحد منهم قام النبي ( ﷺ ) فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس.
قالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم منهم أحداً كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك ونحر بدنة ودعا حالقاً فحلقه، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً قال ابن عمر وابن عباس : حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله ( ﷺ ) : يرحم الله المحلقين.
قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟


الصفحة التالية
Icon