صفحة رقم ٢١٣
الرحمن الرحيم ) وكانوا أحق بها ( أي من كفار مكة ) وأهلها ( أي كانوا أهلها في علم الله، لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه محمد ( ﷺ ) أهل الخير والصلاح ) وكان الله بكل شيء عليماً ( يعني من أمر الكفار وما كانوا يستحقونه من العقوبة وأمر المؤمنين وما كانوا يستحقونه من الخير.
قوله تعالى :( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ( سبب نزول هذه الآية أن رسول الله ( ﷺ ) رأى في المنام وهو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو وأصحابه آمنين ويحلقوا رؤوسهم فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا ولم يدخلوا، شق عليهم ذلك وقال المنافقون : أين رؤياه التي رآها ؟ فأنزل الله هذه الآية ودخلوا في العام المقبل.
وروي عن مجمع بن حارثة الأنصاري قال :( شهدنا الحديبية مع رسول الله ( ﷺ ) فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم : ما بال الناس ؟ قال : أوحي إلى رسول الله ( ﷺ ).
قال : فخرجنا نرجف فوجدنا النبي ( ﷺ ) واقفاً على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع الناس قرأ ) إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ( فقال عمر : أهو فتح يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده ) ففيه دليل على أن المراد من الفتح هو صلح الحديبية، وتحقيق الرؤيا كان في العام المقبل.
وقوله : لقد صدق الله ورسوله الرؤيا بالحق، أخبر أن الرؤيا التي أراه إياها في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد حق وصدق بالحق أي الذي رآه حق وصدق وقيل : يجوز أن يكون بالحق قسماً لأن الحق من أسماء الله تعالى أو قسماً بالحق الذي هو ضد الباطل وجوابه ) لتدخلن المسجد الحرام ( وقيل : لتدخلن من قول رسول الله ( ﷺ ) لأصحابه حكاية عن رؤياه فأخبر الله عز وجل أن رسول الله ( ﷺ ) أنه قال ذلك ) إن شاء الله آمنين ( قيل : إنما استثني مع علمه بدخوله تعليماً لعباده الأدب وتأكيداً لقوله : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ' وقيل إن معنى إذا مجازه إذا شاء الله وقيل لما لم يقع الدخول في عام الحديبية وكان المؤمنون يريدون الدخول ويأبون الصلح قال لتدخلن المسجد الحرام لا بقوتكم وإرادتكم ولكن بمشيئة الله تعالى وقيل الاستثناء واقع على إلا من لا على الدخول لأن الدخول لم يكن فيه شك فهو كقوله ( ﷺ ) ' وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ' مع أنه لا يشك في الموت ) محلقين رؤوسكم ( أي كلها ) ومقصرين ( أي


الصفحة التالية
Icon