صفحة رقم ٢٢٧
لأنهم كأنفسكم فإذا عاب عائب أحدا بعيب فكأنه عاب نفسه وقيل لا يخلو أحد من عيب فإذا عاب غيره فيكون حاملا لذلك على عيبه فكأنه هو العائب لنفسه ولا تنابزوا بالألقاب أي لا تدعوا الإنسان بغير ما سمى به وقال ابن عباس التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهي أن يعير بما سلف من عمله وقيل هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر قيل كان الرجل اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك وقيل هو أن تقول لأخيك يا كلب يا حمار يا خنزير وقال بعض العلماء المراد بهذه الألقاب ما يكرهه المنادي به أو يفيد ذما له فأما الألقاب التي صارت كالأعلام لأصحابها كالأعمش والأعرج وما أشبه ذلك فلا بأس بها إذا لم يكرهها المدعو بها وأما الألقاب التي تكسب حمدا ومدحا وتكون حقا وصدقا فلا يكره كما قيل لأبي بكر عتيق ولعمر الفاروق ولعثمان ذو النورين ولعلي أبا تراب ولخالد سيف الله ونحو ذلك ) بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ( أي بئس الاسم أن تقولوا له يا يهودي أو يا نصراني بعد ما أسلم أو يا فاسق بعد ما تاب وقيل معناه أن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز و فهو فاسق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق ) ومن لم يتب ( أي من ذلك كله ) فأولئك هم الظالمون ( أي الضارون لأنفسهم بمعصيتهم ومخالفتهم وقيل ظلموا الذين قالوا لهم ذلك )
الحجرات :( ١٢ ) يا أيها الذين...
" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم " ( قوله عز وجل :( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ( قيل : نزلت في رجلين اغتابا رفيقهما وذلك أن رسول الله ( ﷺ ) كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين يخدمهما ويتقدمهما إلى المنزل فيهىء لهما ما يصلحهما من الطعام والشراب فضم سلمان الفارسي إلى رجلين في بعض أسفاره، فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فنام ولم يهيىء شيئاً لهما فلما قدما قالا له : ما صنعت شيئاً.
قال : لا غلبتني عيناي فنمت قالا له : انطلق إلى رسول الله ( ﷺ ) فاطلب لنا منه طعاماً فجاء سلمان إلى رسول الله ( ﷺ ) وسأله طعاماً فقال رسول الله ( ﷺ ) انطلق إلى أسامة بن زيد وقل له : إن كان عنده فضل طعام وأدم فليعطك وكان أسامة خازن رسول الله ( ﷺ ) وعلى رحله فأتاه فقال ما عندي شيء فرجع سلمان إليهما فأخبرهما فقالا كان عند أسامة طعام ولكن بخل فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئاً فلما رجع قالا : لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله ( ﷺ ) فلما جاء إلى رسول الله ( ﷺ ) قال لهما : ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما ؟ قالا : والله يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحماً.
قال : ظللتما تأكلان لحم سلمان وأسامة فأنزل الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن يعني أن يظن بأهل الخير سوءاً فنهى الله المؤمن أن يظن بأخيه المؤمن


الصفحة التالية
Icon