صفحة رقم ٢٣٢
ويريدون الصدقة، ويقولون : أعطنا فأنزل الله فيهم هذه الآية.
وقيل : نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح وهم جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار كانوا يقولون آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم فلما استنفروا للحديبية تخلفوا عنها فأنزل الله عز وجل قالت الأعراب آمنا أي صدقنا ) قل لم تؤمنوا ( أي لم تصدقوا بقلوبكم ) ولكن قولوا أسلمنا ( أي استسلمنا وانقدنا مخافة القتل والسبي ) ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ( أخبر أن حقيقة الإيمان هو التصديق بالقلب وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيماناً دون التصديق بالقلب والإخلاص.
( ق ) عن سعد بن أبي وقاص قال :( أعطى رسول الله ( ﷺ ) رهطاً وأنا جالس فترك رسول الله ( ﷺ ) رجلاً منهم هو أعجبهم إليّ فقلت ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمناً فقال رسول الله ( ﷺ ) أو مسلماً ذكر ذلك سعد ثلاثاً وأجابه بمثل ذلك ثم قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه ) زاد في رواية قال الزهري :( فترى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل الصالح ) لفظ الحميدي اعلم أن الإسلام هو الدخول في السلم وهو الانقياد والطاعة فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان والأبدان والجنان لقوله لإبراهيم عليه السلام :( أسلم قال أسلمت لرب العالمين ( " ومنه ما هو انقياد باللسان والقلب وذلك قوله : ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم.
( وقيل : الإيمان هو التصديق بالقلب مع الثقة وطمأنينة النفس عليه والإسلام هو الدخول في السلم والخروج من أن يكون حرباً للمسلمين مع إظهار الشهادتين.
فإن قلت : المؤمن والمسلم واحد عند أهل السنة فكيف يفهم ذلك مع هذا القول.
قلت بين العام والخاص فرق فالإيمان لا يحصل إلا بالقلب والانقياد قد يحصل بالقلب وقد يحصل باللسان فالإسلام أعم والإيمان أخص لكن العام في صورة الخاص متحد مع الخاص ولا يكون أمراً غيره فالعام والخاص مختلفان في العموم والخصوص متحدان في الوجود فذلك المؤمن والمسلم.
وقوله تعالى :( وإن تطيعوا الله ورسوله ( أي ظاهراً وباطناً سراً وعلانية وقال ابن عباس تخلصوا له الإيمان ) لا يلتكم ( أي لا ينقصكم ) من أعمالكم شيئاً ( أي من ثواب أعمالكم ) إن الله غفور رحيم ( ثم بين حقيقة الإيمان
الحجرات :( ١٥ - ١٨ ) إنما المؤمنون الذين...
" إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون " ( ) إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ( أي لم يشكوا في دينهم ) وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ( أي في إيمانهم ولما نزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول الله ( ﷺ ) يحلفون بالله