صفحة رقم ٢٥
يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا يتعاطون ويتعاملون به لئلا ينكروا عليه، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة، وكان لهم من الغد عيد ومجمع فكانوا يدخلون على أصنامهم ويقربون لهم القرابين ويضعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم وزعموا التبرك عليه فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه فقالوا لإبراهيم ألا تخرج معنا إلى عيدنا فنظر في النجوم فقال إني سقيم قال ابن عباس أي مطعون وكانوا يفرون من المطعون فراراً عظيماً وقيل مريض وقيل معناه متساقم وهو من معاريض الكلام وقد تقدم الجواب عنه في سورة الأنبياء وقيل إنه خرج معهم إلى عيدهم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال إني سقيم أشتكي رجلي ) فتولوا عنه مدبرين ( أي إلى عيدهم فدخل إبراهيم عليه الصلاة والسلام على الأصنام فكسرها وهو قوله تعالى :( فراغ ( أي مال ) إلى آلهتهم ( ميلة في خفية ) فقال ( أي للأصنام استهزاء بها ) ألا تأكلون ( يعني الطعام الذي بين أيديكم.
الصافات :( ٩٢ - ٩٩ ) ما لكم لا...
" ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين " ( ) ما لكم لا تنطقون فراغ ( أي مال ) عليهم ضرباً باليمين ( أي ضربهم بيده اليمنى لأنها أقوى من الشمال في العمل.
وقيل بالقوة والقدرة عليهم وقيل أراد باليمين القسم وهو قوله تعالى ) وتالله لأكيدن أصنامكم ( ) فأقبلوا إليه ( يعني إلى إبراهيم ) يزفون ( أي يسرعون وذلك أنهم أخبروا بصنع إبراهيم بآلهتهم فأسرعوا إليه ليأخذوه ) قال ( لهم إبراهيم على وجه الحجاج ) أتعبدون ما تنحتون ( أي بأيديكم من الأصنام ) والله خلقكم وما تعملون ( أي وعملكم.
وقيل وخلق الذي تعملونه بأيديكم من الأصنام وفي الآية دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ) قالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم ( قيل إنهم بنوا له حائطاً من الحجر طوله في السماء ثلاثون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً وملؤوه من الحطب وأوقدوا عليه النار وطرحوه فيها وهو قوله تعالى :( فأرادوا به كيداً ( أي شراً وهو أن يحرقوه ) فجعلناهم الأسفلين ( يعني المقهورين حيث سلم الله إبراهيم ورد كيدهم ) وقال ( يعني إبراهيم ) إني ذاهب إلى ربي ( أي مهاجر إلى ربي وأهجر دار الكفر قاله بعد خروجه


الصفحة التالية
Icon