صفحة رقم ٢٧٣
فقالت قريش سحر محمد أعيننا، فقال بعضهم لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم ) أخرجه الترمذي وزاد غيره فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه فيكذبونهم.
قال مقاتل : انشق القمر ثم التأم بعد ذلك.
وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله ( ﷺ ) فقالت قريش : سحركم ابن أبي كبشة فسألوا السفارة فقالوا : نعم.
قد رأيناه فأنزل الله تعالى :( اقتربت الساعة وانشق القمر (.
فهذه الأحاديث الصحيحة قد وردت بهذه المعجزة العظيمة، مع شهادة القرآن المجيد بذلك فإنه أدل دليل وأقوى مثبت له وإمكانه لا يشك فيه مؤمن وقد أخبر عنه الصادق فيجب الإيمان به واعتقاد وقوعه.
وقال الشيخ محيي الدين النووي في شرح صحيح مسلم، قال الزجاج : وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين المخالفي الملة وذلك لما أعمى الله قلبه ولا إنكار للعقل فيها لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره.
فأما قول بعض الملاحدة لو وقع هذا النقل متواتراً واشترك أهل الأرض كلهم في رؤيتهم له ومعرفته ولم يختص بها أهل مكة فأجاب العلماء عن هذا بأن هذا الانشقاق حصل في الليل ومعظم الناس نيام غافلون والأبواب مغلقة وهم مغطون بثيابهم فقل من يتفكر في السماء أو ينظر إليها إلا الشاذ النادرومما هو مشاهد معتاد أن كسوف القم روغيره مما يحدث في السماء في الليل من العجائب والأنوار والطوالع والشهب العظام ونحو ذلك يقع ولا يتحدث به إلا آحاد الناس ولا علم عند غيرهم بذلك لما ذكرناه من غفلة الناس وهذا كان الانشقاق آية عظيمة حصلت في الليل لقوم سألوها واقترحوا رؤيتها فلم يتأهب غيرهم لها قال العلماء وقد يكون القمر حينئذ في بعض المجاري والمنازل التي تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض كما يكون ظاهرا لقوم غائبا عن قوم وكما يجد الكسوف أهل بلد دون بلد والله أعلم.
وقيل في معنى الآية ينشق القمر يوم القيامة وهذا قول باطل لا يصح وشاذ لا يثبت لإجماع المفسرين على خلافه ولأنت الله ذكره بلفظ الماضي وحمل الماضي على المستقبل بعيد يفتقر إلى قرينه تنقله أو دليل يدل عليه وفي قوله تعالى ) وإن يروا آية يعرضوا ( دليل على وجود هذه الآية العظيمة وقد كان ذلك في زمن رسول الله والمعنى وإن يروا آية أي تدل على صدق رسول الله والمراد بالآية هنا انشقاق القمر يعرضوا أي عن التصديق بها ) ويقولوا سحر مستمر ( أي دائم مضطرد وكل شيء دام حاله قيل فيه مستمر.
وذلك لما رأوا تتابع المعجزات وترادف الآيات فقالوا هذا سحر مستمر وقيل مستمر أي قوي محكم شديد بعلوه يعلو كل كل سحر.
قيل مستمر أي ذاهب سوف يبطل ويذهب ولا يبقى وإنما قالوا ذلك تمنية لأنفسهم وتعليلا ) وكذبوا ( يعني النبي ( ﷺ ) وما عاينوا من قدرة الله ) واتبعوا أهواءهم ( أي ما زين الشيطان من الباطل وقيل هو قولهم أنه سحر القمر ) وكل أمر مستقر ( أي لكل أمر حقيقة فما كان منه في الدنيا فسيظهر وما كان منه في الآخرة فسيعرف وقيل كل أمر مستقر فالخبر مستقر بأهله في


الصفحة التالية
Icon