صفحة رقم ٥٤
أمر الناس بأمر نافذ الحكم فيهم ) فاحكم بين الناس بالحق ( أي بالعدل ) ولا تتبع الهوى ( أي لا تمل مع ما تشتهي إذا خالف أمر الله تعالى ) فيضلك عن سبيل الله ( أي عن دين الله وطريقه ) إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ( أي بما تركوا الإيمان بيوم الحساب.
وقيل بتركهم العمل بذلك اليوم وقيل بترك العدل في القضاء.
قوله تعالى :( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ( قال ابن عباس : لا لثواب ولا لعقاب.
وقيل معناه ما خلقناهما عبثاً لا لشيء ) ذلك ظن الذين كفروا ( يعني أهل مكة هم الذين ظنوا أنما خلقناهم لغير شيء وأنه لا بعث ولا حساب ) فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ( قيل إن كفار قريش قالوا للمؤمنين إنما نعطي في الآخرة من الخير ما تعطون فنزلت هذه الآية ) أم نجعل المتقين ( يعني الذين اتقوا الشرك وهم أصحاب محمد ( ﷺ ) ) كالفجار ( يعني الكفار والمعنى لا نجعل الفريقين سواء في الآخرة.
ص :( ٢٩ - ٣٢ ) كتاب أنزلناه إليك...
" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب " ( ) كتاب أنزلناه إليك ( أي هذا كتاب يعني القرآن أنزلناه إليك ) مبارك ( أي كثير خيره ونفعه ) ليدبروا آياته ( أي ليتدبروا ويتفكروا في أسراره العجيبة ومعانيه اللطيفة وقيل تدبر آياته اتباعه في أوامره ونواهيه ) وليتذكر ( أي وليتعظ ) أولوا الألباب ( أي ذوو العقول والبصائر.
قوله تعالى : ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ( قيل إن سليمان عليه الصلاة والسلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ما أصاب وهو ألف فرس وقيل ورثها من أبيه وقيل إنها كانت خيلاً من البحر لها أجنحة فصلى سليمان عليه الصلاة والسلام الصلاة الأولى التي هي الظهر وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه فعرض عليه منها تسعمائة فرس فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت وفاتت الصلاة ولم يعلم بذلك هيبة له فاغتمَّ لذلك وقال ردّوها عليّ فأقبل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف تقرباً إلى الله تعالى وطلباً لمرضاته حيث اشتغل بها عن طاعته وكان ذلك مباحاً له وإن كن حراماً علينا وبقي منها مائة فرس فالذي في أيدي الناس من الخيل يقال إنه من نسل تلك المائة فلما عقرها الله تعالى أبدله الله تعالى خيراً منها وأسرع وهي الريح تجري بأمره كيف شاء، وقوله تعالى :( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ( قيل هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم مقيمة الرابعة على طرف الحافر


الصفحة التالية
Icon