صفحة رقم ٨٦
وحذف الواو في الآية الأولى لبيان أن أبواب جهنم كانت مغلقة قبل مجيئهم إليها ووجه الحكمة في ذلك أن أهل الجنة إذا جاؤوها ووجدوا أبوابها مفتحة حصل لهم السرور والفرح بذلك وأهل النار إذا رأوها مغلقة كان ذلك نوع ذل وهوان لهم.
الثالث زيدت الواو هنا لبيان أن أبواب الجنة ثمانية ونقصت هناك لأن أبواب جهنم سبعة والعرب تعطف بالواو فيما فوق السبعة تقول سبعة وثمانية.
فإن قلت حتى إذا جاؤوها شرط فأين جوابه ؟
قلت فيه وجوه أحدها أنه محذوف والمقصود من الحذف أن يدل على أنه بلغ في الكمال إلى حيث لا يمكن ذكره الثاني أن الجواب هو قوله ) وقال لهم خزنتها سلام عليكم ( بغير واو الثالث تقديره فادخلوها خالدين دخلوها فحذف دخولها لدلالة الكلام عليه ) وقال لهم خزنتها سلام عليكم ( أي أبشروا بالسلامة من كل الآفات ) طبتم ( قال ابن عباس معناه طاب لكم المقام وقيل إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هذبوا وطيبوا دخلوا الجنة فيقول لهم رضوان وأصحابه ) سلام عليكم طبتم ( ) فادخلوها خالدين ( وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحتها عينان فيغتسل المؤمن من أحداهما فيطهر ظاهره ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه وتتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة يقولون ) سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (.
الزمر :( ٧٤ - ٧٥ ) وقالوا الحمد لله...
" وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " ( ) وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ( أي بالجنة ) وأورثنا الأرض ( أي أرض الجنة نتصرف فيها كما نشاء تشبيهاً بحال الوارث وتصرفه فيما يرثه وهو قوله تعالى :( نتبوأ ( أي نزل ) من الجنة ( أي في الجنة ) حيث نشاء ( فإن قلت فما معنى قوله ) حيث نشاء ( وهل يتبوأ أحدهم مكان غيره.
قلت يكون لكل واحد منهم جنة لا توصف سعة وحسناً وزيادة على الحاجة فيتبوأ من جنته حيث يشاء ولا يحتاج إلى غيره وقيل إن أمة محمد ( ﷺ ) يدخلون الجنة قبل الأمم فينزلون فيها حيث شاؤوا ثم تنزل الأمم بعدهم فيما فضل منها قال الله عز وجل :( فنعم أجر العاملين ( أي ثواب المطيعين في الدنيا الجنة في العقبى ) وترى الملائكة حافين من حول العرش ( أي محدقين محيطين بحافته وجوانبه ) يسبحون بحمد ربهم ( وقيل هذا تسبيح تلذذ لا تسبيح تعبد لأن التكليف يزول في ذلك اليوم ) وقضي بينهم بالحق ( بين أهل الجنة وأهل النار بالعدل ) وقيل الحمد لله رب العالمين ( أي يقول أهل الجنة شكراً حين تمَّ وعد الله لهم، وقيل ابتدأ الله ذكر الخلق بالحمد في قوله ) الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ( "


الصفحة التالية
Icon