صفحة رقم ٩١
تعالى في الدنيا ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة فهذه موتتان وحياتان وقيل أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في القبر للسؤال ثم أميتوا في قبورهم ثم أحيوا للبعث في الآخرة وذلك أنهم عدوا أوقات البلاء والمحنة وهي أربعة الموتة الأولى ثم الحياة في القبر ثم الموتة الثانية فيه ثم الحياة للبعث فأما الحياة الأولى التي هي من الدنيا فلم يعدوها لأنها ليست من أقسام البلاء وقيل ذكر حياتين وهي حياة الدنيا وحياة القيامة وموتتين وهي الموتة الأولى في الدنيا ثم الموتة الثانية في القبر بعد حياة السؤال ولم يعدوا حياة السؤال لقصر مدتها ) فاعترفنا بذنوبنا ( يعني إنكارهم البعث بعد الموت فلما شاهدوا البعث اعترفوا بذنوبهم ثم سألوا الرجعة بقولهم ) فهل إلى خروج ( يعني من النار ) من سبيل ( والمعنى فهلاّ إلى رجوع إلى الدنيا من سبيل لنصلح أعمالنا ونعمل بطاعتك وهذا كلام من غلب عليه اليأس والقنوط من الخروج وإنما قالوا ذلك تعللاً وتحيراً والمعنى فلا خروج ولا سبيل إليه ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله تعالى :( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ( معناه فأجيبوا أن لا سبيل إلى الخروج وهذا العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعى الله وحده كفرتم يعني إذا قيل لا إله إلا الله أنكرتم ذلك ) وإن يشرك به ( أي غيره ) تؤمنوا ( أي تصدقوا ذلك الشرك ) فالحكم لله العلي ( أي الذي لا أعلى منه ) الكبير ( أي الذي لا أكبر منه.
غافر :( ١٣ - ١٩ ) هو الذي يريكم...
" هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " ( قوله عز وجل :( هو الذي يريكم آياته ( أي عجائب مصنوعاته التي تدل على كمال قدرته ) وينزل لكم من السماء رزقاً ( يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق ) وما يتذكر ( أي يتعظ بهذه الآيات ) إلا من ينيب ( أي يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره ) فادعوا الله مخلصين له الدين ( أي الطاعة والعبادة ) ولو كره الكافرون (.
قوله تعالى :( رفيع الدرجات ( أي رافع درجات الأنبياء والأولياء والعلماء في الجنة وقيل معناه المرتفع أي إنه سبحانه وتعالى هو المرتفع بعظمته في صفات جلاله وكماله ووحدانيته المستغني عن كل ما سواه وكل الخلق فقراء إليه ) ذو العرش ( أي خالقه ومالكه، والفائدة في تخصيص العرش بالذكر لأنه أعظم الأجسام والمقصود بيان كمال التنبيه على كمال القدرة فكل ما كان أعظم كانت دلالته على كمال القدرة أقوى ) يلقي الروح ( يعني ينزل الوحي سماه روحاً لأن به تحيا الأرواح كما تحيا الأبدان بالأرواح ) من أمره ( قال ابن عباس : من قضائه وقيل بأمره وقيل من قوله ) على من يشاء من عباده ( يعني الأنبياء ) لينذر يوم التلاق ( يعني لينذر النبي ( ﷺ ) بالوحي يوم التلاق وهو يوم القيامة لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، وقيل يلتقي الخلق والخالق وقيل يلتقي العابدون والمعبودون وقيل يلتقي المرء مع عمله وقيل يلتقي الظالم والمظلوم ) يوم هم بارزون ( أي خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم