صفحة رقم ١٠٨
لا تكون مراجعته إياها للطلاق كما أنه يكره النكاح للطلاق، ولا بدعة في الجمع بين الطلقات الثلاث عند بعض أهل العلم فلو طلق امرأته في حال الطهر ثلاثاً لا يكون بدعياً وهو قول الشافعي وأحمد وذهب بعضهم إلى أنه بدعة وهو قول مالك وأصحاب الرأي.
قوله تعالى :( وأحصوا العدة ( أي عدة أقرائها فاحفظوها ؛ قيل أمر بإحصاء العدة لتفريق الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثاً، وقيل للعلم ببقاء زمان الرجعة ومراعاة أمر النفقة والسكنى ) واتقوا الله ربكم ( أي واخشوا الله ولا تعصوه فيما أمركم به ) لا تخرجوهن من بيوتهن ( يعني إذا كان المسكن الذي طلقها فيه الزوج له بملك أو إكراء وإن كان عارية فارتجعت كان على الزوج أن يكري لها منزلاً غيره ولا يجوز للزوج أن يخرج المرأة من المسكن الذي طلقها فيه ) ولا يخرجن ( يعني ولا يجوز للمرأة أن تخرج ما لم تنقض عدتها لحق الله تعالى فإن خرجت لغير ضرورة أثمت فإن وقعت ضرورة بأن خافت هدماً أو غرقاً جاز لها أن تخرج إلى منزل آخر وكذلك إذا كان لها حاجة ضرورية من بيع غزل أو شراء قطن جاز لها الخروج نهاراً ولا يجوز ليلاً، يدل على ذلك أن رجالاً استشهدوا بأحد فقالت نساؤهم نستوحش في بيوتنا فأذن لهن رسول الله ( ﷺ ) أن يتحدثن عند إحداهن فإذا كان وقت النوم تأوي كل امرأة إلى بيتها وأذن رسول الله ( ﷺ ) لخالة جابر وقد كان طلقها زوجها أن تخرج لجذاذ نخلها فإذا لزمتها العدة في السفر تعتد في أهلها ذاهبة وراجعة والبدوية تتبوأ حيث يتبوأ أهلها في العدة لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم.
وقوله تعالى :( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ( قال ابن عباس : الفاحشة المبينة بذاءتها على أهل زوجها فيحل إخراجها لسوء خلقها وقيل أراد بالفاحشة أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها ثم ترد إلى منزلها يروى ذلك عن ابن مسعود وقيل معناه إلا أن يطلقها على نشوزها فلها أن تتحول من بيت زوجها والفاحشة النشوز وقيل خروجها قبل انقضاء عدتها فاحشة ) وتلك حدود الله ( يعني ما ذكر من سنة الطلاق وما بعده من الأحكام ) ومن يتعد حدود الله ( أي فيطلق لغير السنة أو تجاوز هذه الأحكام ) فقد ظلم نفسه ( أي ضر نفسه ) لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ( أي يوقع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين وهذا يدل على أن المستحب أن يفرق الطلقات ولا يوقع الثلاث دفعة واحدة حتى إذا ندم أمكنه المراجعة عن محارب بن دثار أن رسول الله ( ﷺ ) قال ' ما أحل الله شيئاأبغض إليه من الطلاق ' وأخرجه أبو داود مرسلا