صفحة رقم ١٢٦
بعداً ) لأصحاب السعير ( قوله عز وجل :( إن الذين يخشون ربهم بالغيب ( أي يخافون ربهم ولم يروه فيؤمنوا به خوفاً من عذابه ) لهم مغفرة ( أي لذنوبهم ) وأجر كبير ( يعني جزاء أعمالهم الصالحة ) وأسروا قولكم أو اجهروا به ( قال ابن عباس نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله ( ﷺ ) فيخبره جبريل بما قالوا فقال بعضهم لبعض أسروا قولكم كي لا يسمع إله محمد فأخبره الله أنه لا يخفى عليه خافية فقال تعالى :( إنه عليم بذات الصدور ( ثم أكد ذلك بقوله تعالى :( ألا يعلم من خلق ( يعني ألا يعلم من خلق مخلوقه، وقيل ألا يعلم الله من خلق والمعنى ألا يعلم الله ما في صدور من خلق ) وهو اللطيف ( أي باستخراج ما في الصدور ) الخبير ( بما فيها من السر والوسوسة.
قوله تعالى :( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً ( الذلول المنقاد من كل شيء والمعنى جعلها لكم سهلة لا يمتنع المشي فيها لحزونتها وغلظها ) فامشوا في مناكبها ( أمر إباحة وكذا قوله ) وكلوا من رزقه ( ومناكبها جوانبها وأطرافها ونواحيها وقيل طرقها وفجاجها وقال ابن عباس جبالها والمعنى هو الذي سهل لكم السلوك في جبالها وهو أبلغ التذلل وكلوا من رزقه أي مما خلقه الله لكم في الأرض ) وإليه النشور ( أي وإليه تبعثون من قبوركم ثم خوف كفار مكة فقال تعالى :( أأمنتم من في السماء ( قال ابن عباس يعني عقاب من في السماء إن عصيتموه ) أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ( أي تتحرك بأهلها وقيل تهوي بهم والمعنى أن الله تعالى يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى يقلبهم إلى أسفل وتعلو الأرض عليهم وتمور فوقهم أي تجيء وتذهب.
الملك :( ١٧ - ٢٧ ) أم أمنتم من...
" أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون " ( ) أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً ( يعني ريحاً ذات حجارة كما فعل بقوم لوط ) فستعلمون ( أي عند الموت في الآخرة ) كيف نذير ( أي إنذاري إذا عاينتم العذاب ) ولقد كذب الذين من قبلهم ( أي من قبل كفار مكة وهم الأمم الخالية ) فكيف كان نكير ( أي إنكاري عليهم أليس وجدوا العذاب حقاً.
قوله عز وجل :( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ( أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها ) ويقبضن ( أي يضممن أجنحتهن إذا ضربن بهن جنوبهن بعد البسط ) ما يمسكهن ( أي حال القبض والبسط ) إلا الرحمن ( والمعنى : أن الطير مع ثقلها وضخامة جسمها لم يكن بقاؤها وثبوتها في الجو إلا بإمساك الله عز وجل إياها وحفظه لها ) إنه بكل شيء بصير ( يعني أنه تعالى لا تخفى عليه خافية ) أمن هذا الذي هو جند لكم ( استفهام إنكار أي لا جند لكم ) ينصركم ( أي يمنعكم ) من دون الرحمن ( أي من عذاب الله قال ابن عباس أي من ينصركم مني إن أردت