صفحة رقم ١٤٨
قطع وتينه والمعنى أنه لو كذب علينا وتقول علينا قولاً لم نقله لمنعناه من ذلك إما بواسطة إقامة الحجة عليه بأن نقيض له من يعارضه ويظهر للناس كذبه فيكون ذلك إبطالاً لدعواه، وإما أن نسلب عنه قوة التكلم بذلك القول الكذب حتى لا يشتبه الصادق بالكاذب، وإما أن نميته، ) فما منكم من أحد عنه حاجزين ( أي مانعين يحجزوننا عن عقوبته والمعنى أن محمداً لا يتكلم الكذب علينا لأجلكم مع علمه أنه لو تكلمه لعاقبناه ولا يقدر أحد على دفع عقوبتنا عنه وإنما قال حاجزين بلفظ الجمع وهو وصف أحد رداً على معناه ) وإنه ( يعني القرآن وذلك أنه لما وصفه بأنه تنزيل من رب العالمين بواسطة جبريل إلى النبي ( ﷺ ) بين ما هو فقال تعالى :( لتذكرة ( أي لعظة ) للمتقين ( أي لمن اتقى عقاب الله ) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ( فيه وعيد لمن كذب بالقرآن ) وإنه ( يعني القرآن ) لحسرة على الكافرين ( يعني يوم القيامة والمعنى أنهم يندمون على ترك الإيمان به لما يرون من ثواب من آمن به ) وإنه لحق اليقين ( معناه أنه حق معين لا بطلان فيه ويقين لا شك ولا ريب فيه ) فسبح باسم ربك العظيم ( أي نزه ربك العظيم واشكره على أن جعلك أهلاً لإيحائه إليك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
سورة المعارج
( تفسير سورة المعارج مكية ) وهي أربع وأربعون آية ومائتان وأربع وعشرون كلمة وتسعة وعشرون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
المعارج :( ١ ) سأل سائل بعذاب...
" سأل سائل بعذاب واقع " ( قوله عز وجل :( سأل سائل ( قرىء بغير همزة وفيه وجهان الأول أنه لغة في السؤال والثاني أنه من السيل.
ومعناه اندفع عليهم واد بعذاب وقيل سال واد من أودية جهنم.
وقرىء سأل سائل بالهمز من السؤال ) بعذاب ( قيل الباء بمعنى عن أي عذاب ) واقع ( أي نازل وكائن وعلى من ينزل ولمن ينزل ولمن ذلك العذاب فقال الله تعالى مجيباً لذلك السؤال.
المعارج :( ٢ - ٤ ) للكافرين ليس له...
" للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " ( ) للكافرين ( وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي ( ﷺ ) بالعذاب قال بعضهم لبعض : من أهل هذا العذاب ولمن هو سلوا عنه محمداً فسألوه فأنزل الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين أي هو للكافرين.
والباء صلة ومعنى الآية دعا داع وطلب طالب عذاباً واقعاً للكافرين.
وهذا السائل هو النضر بن الحارث حيث دعا على نفسه وسأل العذاب فقال ) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ( " الآية فنزل به ما سأل فقتل يوم بدر صبراً وهذا قول ابن عباس، ) ليس له دافع ( أي أن العذاب واقع بهم لا محالة سواء طلبوه أو لم يطلبوه إما في الدنيا بالقتل وإما في الآخرة، لأن العذاب واقع بهم في الآخرة لا يدفعه دافع ) من الله ( أي بعذاب من الله، والمعنى ليس لذلك العذاب الصادر من الله للكافرين دافع يدفعه عنهم ) ذي المعارج ( قال ابن عباس


الصفحة التالية
Icon