صفحة رقم ١٥
صارت كثيباً مهبلاً بعد أن كانت شامخة وقيل معناه قلعت من أصلها وسيرت على وجه الأرض حتى ذهب بها ) فكانت هباء منبثاً ( أي غباراً متفرقاً كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل الكوة وهو الهباء، ) وكنتم أزواجاً ( أي أصنافاً ) ثلاثة ( ثم فسر الأزواج فقال تعالى :( فأصحاب الميمنة ( يعني أصحاب اليمين.
والميمنة ناحية اليمين وهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة وقال ابن عباس هم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه وقال الله تعالى :( هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي ) وقيل هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم وقيل هم الذين كانوا ميامين أي مباركين على أنفسهم وكانت أعمالهم صالحة في طاعة الله وهم التابعون بإحسان ) ما أصحاب الميمنة ( تعجيب من حالهم في السعادة.
والمعنى أي شيء هم.
الواقعة :( ٩ - ١٦ ) وأصحاب المشأمة ما...
" وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين " ( ) وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ( يعني أصحاب الشمال وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار وقال ابن عباس هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية وقال الله تعالى لهم :( هؤلاء إلى النار ولا أبالي ) وقيل هم الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم وقيل هم المشائيم على أنفسهم وكانت أعمالهم في المعاصي لأن العرب تسمي اليد اليسرى الشؤمى، ) والسابقون السابقون ( قال ابن عباس هم السابقون إلى الهجرة السابقون في الآخرة إلى الجنة وقيل هم السابقون إلى الإسلام وقيل هم الذين صلوا إلى القبلتين من المهاجرين والأنصار وقيل هم السابقون إلى الصلوات الخمس وقيل إلى الجهاد وقيل هم المسارعون إلى التوبة وإلى ما دعا الله إليه من أعمال البر والخير وقيل هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة.
فإن قلت لمَ أخر ذكر السابقين وكانوا أولى بالتقديم عن أصحاب اليمين.
قلت فيه لطيفة وذلك أن الله تعالى ذكر في أول السورة من الأمور الهائلة عند قيام الساعة تخويفاً لعباده فإما محسن فيزداد رغبة في الثواب وإما مسيء فيرجع عن إساءته خوفاً من العقاب فلذلك قدم أصحاب اليمين ليسمعوا ويرغبوا ثم ذكر أصحاب الشمال ليرهبوا ثم ذكر السابقين وهم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر ليجتهد أصحاب اليمين في القرب من جهنم ثم أثنى على السابقين فقال تعالى :( أولئك المقربون ( يعني من الله في جواره وفي ظل عرشه ودار كرامته وهو قوله :( في جنات النعيم ( قوله تعالى :( ثلة ( أي جماعة غير محصورة العدد، ) من الأولين ( يعني من الأمم الماضية