صفحة رقم ١٦١
اختلفوا فيمن يرجع الضمير إليه فقيل هو راجع إلى الجن الذين تقدم ذكرهم ووصفهم والمعنى لو استقام الجن على الطريقة المثلى الحسنى لأنعمنا عليهم وإنما ذكر الماء كناية عن طيب العيش وكثرة المنافع وقيل معناه لو ثبت الجن الذين سمعوا القرآن.
على الطريقة التي كانوا عليها قبل استماع القرآن ولم يسلموا ) لأسقيناهم ماء غدقاً ( أي لوسعنا الرزق عليهم.
الجن :( ١٧ - ١٩ ) لنفتنهم فيه ومن...
" لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " ( ) لنفتنهم فيه ( وقيل الضمير راجع إلى الإنس وتم الخبر عن الجن ثم رجع إلى خطاب الإنس فقال تعالى :( وأن لو استقاموا ( يعني كفار مكة على الطريقة يعني على طريقة الحق والإيمان والهدى وكانوا مؤمنين مطيعين ) لأسقيناهم ماء غدقاً ( " يعني كثيراً وذلك بعد ما رفع عنهم المطر سبع سنين.
والمعنى لو آمنوا لوسعنا عليهم في الدنيا ولأعطيناهم ماء كثيراً وعيشاً رغداً.
وإنما ذكر الماء الغدق مثلاً لأن الخير والرزق كله أصله من المطر وقوله ( لنفتنهم فيه ) أي لنختبرهم كيف شكرهم فيما خولوا فيه.
وقيل في معنى الآية لو استقاموا أي ثبتوا على طريقة الكفر والضلالة لأعطيناهم مالاً كثيراً ولوسعنا عليهم لنفتنهم فيه عقوبة لهم واستدراجاً لهم حتى يفتنوا به فنعذبهم والقول الأول أصح لأن الطريقة معرفة بالألف واللام وهي طريقة الهدى والقول بأن الآية في الإنس أولى لأن الإنس هم الذين ينتفعون بالمطر ) ومن يعرض عن ذكر ربه ( أي عن عبادة ربه وقيل عن مواعظه ) يسلكه ( أي يدخله ) عذاباً صعداً (، قال ابن عباس شاقاً وقيل عذاباً لا راحة فيه وقيل لا يزداد إلا شدة.
قوله تعالى :( وأن المساجد لله ( يعني المواضع التي بنيت للصلاة والعبادة، وذكر الله تعالى فيدخل فيه مساجد المسلمين والكنائس والبيع التي لليهود والنصارى ) فلا تدعوا مع الله أحداً ( قال قتادة كان اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله فأمر الله عز وجل المؤمنين أن يخلصوا الدعوة لله إذا دخلوا المساجد كلها.
وقيل أراد بالمساجد بقاع الأرض كلها لأن الأرض كلها جعلت مسجداً للنبي ( ﷺ ) فعلى هذا يكون المعنى فلا تسجدوا على الأرض لغير الله تعالى، قال سعيد بن جبير ( قالت الجن للنبي ( ﷺ ) كيف لنا أن نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك فنزلت وأن المساجد لله ) وروي عنه أيضاً أن المراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان وهي سبعة الجبهة واليدان والركبتان والقدمان والمعنى أن هذه الأعضاء التي يقع عليها السجود مخلوقة لله فلا تسجدوا عليها لغيره،