صفحة رقم ١٧٤
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر
ليست ولا من غدرة أتقنع
والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء هو طاهر الثياب وتقول لمن غدر إنه لدنس الثوب والسبب في ذلك أن الثوةب كالشئ الملازم للإنسان فلهذا جعلوه كناية عن الإنسان كما يقال الكرم في ثوبه والعفة في أواره وقيل إن من طهر باطنه طهر ظاهره.
وقوله تعال ) والرجز فاهجر ( يعني أترك الأوثان ولا تقربها وقال ابن عباس اترك المآثم وقيل الشرك والمعنى اترك كل ما أوجب لك العذاب من الأعمال والأقوال )
المدثر :( ٦ - ١٤ ) ولا تمنن تستكثر
" ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا " ( ) ولا تمنن تستكثر ( يعني لا تعط مالك مصانعة لتعطي أكثر منه هذا قول أكثر المفسرين وهذا النهي مختص بالنبي ( ﷺ ) وإنما نهى عن ذلك تنزيهاً لمنصب النبوة لأن من أعطى شيئاً لغيره يطلب منه الزيادة عليه لا بد وأن يتواضع لذلك الذي أعطاه، ومنصب النّبوة بحل عن ذلك وهذا غير موجود في حق الأمة، فيجوز لغيره من الأمة ذلك كما قيل هما رباءان حلال وحرام فالحلال الهدية يهديها الرجل لغيره ليعطيه أكثر منها وأما الحرام فالربا المحرم بنص الشرع، وقيل معناه لا تعط شيئاً لمجازاة الدنيا أعط الله وأراد به وجه الله وقيل معناه لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، ولا يكثرن عملك في عينك فإنه مما أنعم الله به عليك وأعطاك.
وقيل معناه لا تمنن على أصحابك بما تعلمهم من أمر الدين وتبلغهم من أمر الوحي كالمستكثر بذلك عليهم، وقيل لا تمنن عليهم بنبوتك فتأخذ منهم على ذلك أجراً تستكثر به، وقيل معناه لا تمنن لا تضعف عن الخير تستكثر منه، وقيل معناه لا تمنن على النّاس بما تنعم عليهم وتعطيهم استكثاراً منك لتلك العطية، فإن المن يحبط العمل ) ولربك فاصبر ( أي على طاعته وأوامره ونواهيه لأجل ثواب الله تعالى ؛ وقيل معناه فاصبر لله على ما أوذيت فيه، وقيل معناه إنك حملت أمراً عظيماً فيه محاربة العرب والعجم، فاصبر على ذلك لله عز وجل، وقيل معناه فاصبر تحت موارد القضاء لأجل الله ) فإذا نقر في الناقور ( أي نفخ في الصور وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل وهي النّفخة الأولى، وقيل الثانية وهو الأصح ) فذلك يومئذ ( يعني يوم النفخة وهو يوم القيامة ) يوم عسير ( أي شديد ) على الكافرين ( يعني يعسر عليهم في ذلك اليوم الأمر، فيعطون كتبهم بشمائلهم وتسود وجوههم ) غير يسير ( أي غير هين.
فإن قلت ما فائدة قوله غير يسير وعسير مغن عنه.
قلت : فائدة التكرار التّأكيد كقوله : أنا محب لك غير مبغض، وقيل لما كان على الكافرين غير يسير دل على أنه يهون على المؤمنين بخلاف الكفار فإنه عليهم عسير لا يسر فيه ليزداد غيظ الكافرين وبشارة المؤمنين قوله تعالى :( ذرني ومن خلقت وحيداً ( أي خلقته في بطن أمه وحيداً فريداً لا مال له ولا ولد، وقيل معناه خلقته وحدي لم يشاركني