صفحة رقم ١٧٩
) والصّبح إذا أسفر ( أي أضاء وتبين وهذا قسم وجوابه ) إنها لإحدى الكبر ( يعني إن سقر لإحدى الأمور العظام، وقيل أراد بالكبر دركات النار وهي سبعة جهنم ولظّى والحطمة والسّعير وسقر والجحيم والهاوية ) نذيراً للبشر ( قيل يحتمل أن يكون نذيراً صفة للنار، والمعنى أن النّار نذير للبشر قال الحسن : والله ما أنذر بشيء أدهى من النار، وقيل يجوز أن يكون نذيراً صفة لله تعالى، والمعنى أنا لكم منها نذير فاتقوها وقيل هو صفة للنبي ( ﷺ ) ومعناه يا أيها المدثر قم نذيراً للبشر فأنذر ) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ( أي يتقدم في الخير والطّاعة أو يتأخر عنهما فيقع في الشر والمعصية، والمعنى أن الإنذار قد حصل لكل واحد ممن آمن أو كفر، وقد تمسك بهذه الآية من يرى أن العبد غير مجبور على الفعل وأنه متمكن من فعل نفسه.
وأجيب عنه بأن مشيئته تابعة لمشيئة الله تعالى ؛ وقيل إضافة المشيئة إلى المخاطبين على سبيل التهديد كقوله ) اعملوا ما شئتم ( " وقيل هذه المشيئة لله تعالى، والمعنى لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر.
قوله تعالى :( كل نفس بما كسبت رهينة ( أي مرتهنة في النّار بكسبها ومأخوذة بعملها ) إلا أصحاب اليمين ( فإنهم غير مرتهنين بذنوبهم في النار، ولكن الله يغفرها لهم، وقيل معناه فكوا رقاب أنفسهم بأعمالهم الحسنة كما يفك الراهن رهنه بأداء الحق الذي عليه.
واختلفوا في أصحاب اليمين من هم فقيل هم المؤمنون المخلصون، وقيل هم الذين يعطون كتبهم بإيمانهم، وقيل هم الذين كانوا على يمين آدم يوم أخذ الميثاق وحين قال الله تعالى لهم :( هؤلاء في الجنة ولا أبالي ) وقيل هم الذين كانوا ميامين أي مباركين على أنفسهم، وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهم أطفال المسلمين وهو أشبه بالصواب لأن الأطفال لم يكتسبوا إثماً يرتهنون به وعن ابن عباس قال هم الملائكة ) في جنات ( أي هم في بساتين ) يتساءلون عن المجرمين ( أي يتساءلون المجرمين وعن صلة فيقولون لهم.
المدثر :( ٤٢ - ٥١ ) ما سلككم في...
" ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة " ( ) ما سلككم في سقر ( قيل وهذا يقوي قول من قال إن أصحاب اليمين هم الأطفال لأنهم لم يعرفوا الذنوب التي توجب النّار، وقيل معناه يسأل بعضهم بعضاً عن المجرمين، فعلى هذا التفسير يكون معنى ما سلككم، أيّ يقول المسؤولون للسّائلين قلنا للمجرمين ما سلككم، أي أدخلكم وقيل ما حبسكم في سقر، وهذا سؤال توبيخ وتقريع ) قالوا ( مجيبين لهم ) لم نك من المصلين ( أي لله في الدّنيا ) ولم نك نطعم المسكين ( أي لم نتصدق عليه ) وكنا نخوض مع الخائضين ( أي في الباطل ) وكنا نكذب بيوم الدين ( أي بيوم الجزاء على الأعمال وهو يوم القيامة ) حتى أتانا اليقين ( يعني الموت قال الله تعالى :( فما تنفعهم شفاعة الشّافعين ( قال ابن مسعود : تشفع


الصفحة التالية
Icon