صفحة رقم ١٨٤
وذلك مفوض إلى مشيئته فمن شاء أدخله الجنة برحمته ومن شاء أدخله النار بعدله ) ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ( قال ابن مسعود وابن عباس : بما قدم قبل موته من عمل صالح أو سيىء وما أخر بعد موته من سنة حسنة، أو سيئة يعمل بها، وعن ابن عباس أيضاً بما قدم من المعصية وأخر من الطاعة، وقيل بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله فضيعه، وقيل بأول عمله وآخره وهو ما عمله في أول عمره وفي آخره، وقيل بما قدم من ماله لنفسه قبل موته وما أخر من ماله لورثته.
القيامة :( ١٤ - ٢١ ) بل الإنسان على...
" بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة " ( ) بل الإنسان على نفسه بصيرة ( أي بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه ويشهدون عليه بعمله وهي سمعه وبصره وجوارحه، وإنما دخلت الهاء في البصيرة لأن المراد من الإنسان جوارحه، وقيل معناه بل الإنسان على نفسه عين بصيرة وفي رواية عن ابن عباس بل الإنسان على نفسه شاهد فتكون الهاء للمبالغة كعلامة ) ولو ألقى معاذيره ( يعني ولو اعتذر بكل عذر وجادل عن نفسه، فإنه لا ينفعه لأنه قد شهد عليه شاهد من نفسه، وقيل معناه ولو اعتذر فعليه من نفسه ما يكذب عذره، وقيل إن أهل اليمن يسمون السّتر معذاراً وجمعه معاذير، فعلى هذا يكون معناه ولو أرخى السّتور وأغلق الأبواب ليخفي ما يعمل، فإن نفسه شاهدة عليه، وهذا في حق الكافر لأنه ينكر يوم القيامة فتشهد عليه جوارحه بما عمل في الدنيا.
قوله عز وجل :( لا تحرك به لسانك لتعجل به (
( ق ) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل :( لا تحرك به لسانك لتعجل به ( قال كان النبي ( ﷺ ) يعالج من التّنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه قال ابن جبير : قال ابن عباس أنا أحركهما كما كان رسول الله ( ﷺ ) يحركها فحرك شفتيه فأنزل الله عز وجل ) لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه ( قال : جمعه في صدرك ثم تقرأه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه.
قال فاستمع وأنصت ثم إن علينا أن تقرأه، قال فكان رسول الله ( ﷺ ) إذا أتاه جبريل بعد ذلك استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي ( ﷺ ) كما قرأه، وفي رواية كما وعده الله تعالى لفظ الحميدي، ورواه البغوي من طريق البخاري وقال فيه : كان النبي ( ﷺ ) إذا نزل عليه جبريل بالوحي، كان مما يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه، وكان يعرف منه فأنزل الله عز وجل الآية، التي في لا أقسم بيوم القيامة لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه، قال إن علينا أن نجمعه في صدرك، وتقرأه فإذا قرأناه، فاتبع قرآنه، فإذا أنزلناه فاستمع ثم إن علينا بيانه علينا أن نبينه بلسانك.
قال فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى ؛ وفي رواية كان يحرك شفتيه إذا نزل عليه يخشى أن ينفلت منه فقيل له لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه، أيّ نجمعه في صدرك وقرآنه أن تقرأه، ومعنى الآية لا تحرك