صفحة رقم ١٨٩
يسار ومقاتل فيها مكي ومدني فالمكي منها قوله ) ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( وباقيها مدني قاله الحسن وعكرمة وقيل إن المدني من أ، لها إلى قوله تعالى ) إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ومن هذه الآية إلى آخرها مكي حكاه لما وردى وهي إحدى وثلاثون آية ومائتان وأربعون كلمة وألف وأربعة وخمسون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل ) )
الإنسان :( ١ - ٢ ) هل أتى على...
" هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا " ( قوله عز وجل :( هل أتى ( أي قد أتى ) على الإنسان ( يعني آدم عليه الصلاة والسلام ) حين من الدهر ( يعني مدة أربعين سنة وهو من طين ملقى ( م ) عن أنس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله ( ﷺ ) قال ( لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطوف به وينظر إليه فلما رآه أجوف عرف أنه خلف لا يتمالك ) قوله يطوف أي يدور حوله فلما رآه أجوف أي صاحب جوف وقيل هو الذي داخله خال قوله عرف أنه خلق لا يتمالك، أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب.
وروي في تفسير الآية أن آدم بقي أربعين سنة طيناً، وبقي أربعين سنة حمأ مسنوناً وأربعين سنة صلصالاً كالفخار فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة ) لم يكن شيئاً مذكوراً ( أي لا يذكر ولا يعرف ولا يدري ما اسمه، ولا ما يراد به وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح كان شيئاً ولم يكن شيئاَ يذكر.
روي عن عمر أنه سمع رجلاً يقرأ هذه الآية : لم يكن شيئاً مذكوراً فقال عمر ليتها تمت يعني ليته بقي على ما كان عليه ويروى نحوه عن أبي بكر وابن مسعود، وقيل المراد بالإنسان جنس الإنسان وهم بنو آدم بدليل قوله ) إنا خلقنا الإنسان ( فالإنسان في الموضعين واحد فعلى هذا يكون معنى قوله حين من الدهر طائفة من الدهر غير مقدرة لم يكن شيئاً مذكوراً يعني أنهم كانوا نطفاً في الأصلاب.
ثم علقاً، ومضغاً في الأرحام لم يذكروا بشيء إنا خلقنا الإنسان يعني ولد آدم ) من نطفة ( أي مني الرجل ومني المرأة ) أمشاج ( أي أخلاط قال ابن عباس وغيره : يعني ماء الرجل، وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد فماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب، وعظم فمن نطفة الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة، وقيل الأمشاج اختلاف ألوان النطفة، فنطفة الرجل بيضاء ونطفة المرأة صفراء.
وكل لونين اختلطا فهو أمشاج.
وقال ابن مسعود : هي العروق التي تكون في النطفة، وقيل هي نطفة مشجت أي خلطت بدم وهو دم الحيض فإذا حبلت المرأة ارتفع دم الحيض، وقيل الأمشاج أطوار الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة، ثم عظما ثم يكسوه لحماً ثم ينشئه خلقاً آخر، وقيل إن الله تعالى جعل في النطفة أخلاطاً من الطبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فعلى هذا يكون التقدير من نطفة ذات أمشاج.
) نبتليه ( أي لنختبره بالأمر والنهي ) فجعلناه سميعاً بصيراً ( قيل فيه تقديم وتأخير تقديره فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه